التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل عام 2022
السيد الربوة*
تظل إسرائيل هي ” الظل الأسود ” الذي يتسلل داخل الدول سواء العربية أوغيرها، وقد بسطت خيمتها السوداء فى الفترة الماضية ، بعد أن أستطاعت أن تطبع مع دول عربية بتوغل لم يحدث من قبل، لدرجة أنها وقعت مع دولة مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري تشمل عقد لجنة عسكرية مشتركة للتوقيع على خطة عمل ثنائية، بينما أعلن وزير خارجيتها يائير لابيد إن إسرائيل ستستضيف مؤتمرا إقليميا “تاريخيا” تشارك فيه خمس دول خلال هذا الأسبوع ،فهل من الممكن أن تواجه إسرائيل تحديات أمنية هذا العام 2022 بالرغم من أجندة خطوات التطبيق التى تحققها يوماً بعد يوم ؟
بالتأكيد يظل ” البعبع الإيراني ” فى مقدمة أي تهديد إلى إسرائيل والذي تستغله بضوح لصالح علاقاتها مع دول الخليج، من خلال اللعب على وتر الملف النووي الإيراني، وإسرائيل لا تريد بأي شكل من الأشكال أن ينتهي ذلك الملف بالأتفاق مع الولايات المتحدة ودول الغرب، فقد حققت خطوات إيجابية متعددة تجاه دول منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد الخليج بعد توقف الأتفاق أثناء حكم ” ترامب” والعودة إلى الأتفاق تارة أخري يعني فقدان كثير من مصالحها.
ليس ذلك التهديد الوحيد الذي تواجهه إسرائيل، فهناك قابلية إنفجار القضية الفلسطينية في الضفة الغربية فى أي وقت إضافة إلى قطاع غزة والذي يهدد إسرائيل ى كل وقت وحين، إلى جانب تطور الأحداث العالمية خلال الفترة القليلة الماضية والتى نتج عنها، حرب روسيا وأكرونيا وتفاقم الوضع الأقتصادي العالمي، والذي نتج عنه تأثير مباشر على دول المنطقة العربية بينها دول لها مصالح مع إسرائيل وقريبه وملاصقة لحدودها.
وهو ما يعني عدم استقرار تلك الدول أقتصادياً وأجتماعياً خلال الفترة القادمة، إلى جانب تأثر إسرائيل نفسها بتلك التغيرات الأقتصادية عالمياً، وهناك بعد آخر يزيد من التهديدات الأمنية الإسرائيلية وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تعد كالسابق في تنفيذ سياستها تجاه الشرق الوسط فهي تقلص تدخلها وتمنتع عن استخدم الأدوات العسكرية وتركز على تعزيز الاستقرار الإقليمي بواسطة الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية، ولم تعد تقدم لإسرائيل الطبق الذهبي الفارغ لتضع عليه ما ترغبه .
ونستطيع أن نقدم تحديات إسرائيل الأمنية فى عدة محاور أهمها التالي:
التهديد الإيراني
إسرائيل تعي جيداً أن مصالح عديدة لها مع دول المنطقة العربية وغيرها تأتي من خلال إرهابهم بالملف النووي الإيراني وما تفعله من تكتل شيعي، وتحاول جاهده عمل تكتل سني تكون مشاركة فيه وبقوة،مراكز الأبحاث داخل إسرائيل مع إعلامها لا تخلو من ذكر التهديد الإيراني النووي، ومسألة المحادثات النووية في فيينا، التي استؤنف و وصلت إلى مرحلة متقدمة، حيث سيُطلب فيها من الأطراف اتخاذ قرارات صعبة بشأن إمكانية استئناف الاتفاق النووي ، وربما تكون قد تسيير ببطء نذراً لظهور الحرب الروسية الأكورنية وإذا عادة وتيرة السرعة فى المفاوضات من جديد وتم الأتفاق، فأن إمكانية حدوث أزمة في العلاقات بين القدس وواشنطن قد تزداد خاصة أن إسرائيل تقول أن ذلك يهدد مصالح الأمن القومي للخطر، وقد أصدرمعهد السياسة والأستراتيجيا الإسرائيلي الذي يرأسه اللواء ” احتياط ” عاموس غلعاد أصدر تقريراً يتحدث فيه عن أبرز التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيلي عام 2022 ووضع التهديد الإيراني الأول ضمن التحديات .
وقد ذكر التقرير إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية عالقة إزاء خيارين سيئين: اتفاق نووي قديم – جديد يمنح إيران شرعية دولية، ويعزز اقتصادها بنحو يسمح للنظام بزيادة أنشطته في الشرق الأوسط، وتضييق الخناق على “إسرائيل” عبر اقامة قواعد نيران إقليمية، وتعزيز القوات الإيرانية في سوريا ولبنان وغزة
مضيفاً أنه فى المقابل لو تفجرت المحادثات النووية فقد يدفع ذلك إيران إلى اتخاذ قرار بتسريع البرنامج النووي، وتخصيب اليورانيوم بمستوى عسكري من أجل قنبلة في غضون ثلاثة أسابيع في ظل قرار سياسي وأشار التقرير أنه فى حالة هذا السيناريو، فأن الأدوات الموجودة بحوزة ” إسرائيل ” لكبح هذه الهرولة محدودة .
ولم يكن هذا التقرير هو الوحيد الذي يشيير إلي تخوفات إسرائيل من إيران بل هناك العديد من التقرير التى تحدثت عن ذلك الأمر، والحقيقة الواضحة هي أن إسرائيل تحاول حمل رآية المعسكر السني بدلاً عن أمريكا فى المنطقة بعدما تقلص الدور الأمريكي، وما تخشاه إسرائيل هو لجوء دول الخليج والدول العربية إلى مفاوضات مباشرة مع إيران من أجل مصالحة معها خشية من التصعيد الإيراني دون مساعدة أمريكية ، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعي لإنهاء إعادة التفاق النووي مع إيران، لتسطيع المواجهة الأستراتيجية مع روسيا والصين، وذات هذا الدافع بعد حرب روسيا وكورانيا .
وربما مع تزايد وتيرة المعركة المستمرة فى اليمن وضربات الحوثيين فى عمق المملكة العربية السعودية والحواداث التفجير التى طالت الأمارات من قبل، وكلها عوامل لصالح إسرائيل لتكون ضمن المعسكر السني، وأ علي الأقل محاولة إنشاء إسرائيل حلف من 5 او 6 دول عربية معظمها خليجي وسوف تجد ترحيب بذلك، وبالرغم من ذلك يظل التهديد الإيراني قائم تجاه إسرائيل، كونها تمتلك كثيراً من أورق الضغط .
فلسطين والتحديات المستمرة
مع عودة عمليات ” الطعن ” مجدداً فى الداخل الفلسطيني صار التهديد الأمني فى إسرائيل واضحاً، وهذا طبيعياً لما تفعله إسرائيل من سياسيات عنصرية وعنيفة تجاه الفلسطينين فى الداخل، والرعب الإسرائيلي من الأنتفاضة مستمر ولا يتوقف، بالرغم بما تحيكه مع السلطة الفلسطينية بين الحين والآخر، الاأن الغضب داخل صدور الفلسطينين يخرج ما بين الحين والآخر، من خلال عمليات طعن أو مظاهرات فى القدس وربما نشهد فى الفترة القادمة مسيرات وفعاليات فلسطينية بالداخل للتأكيد على حق عودة الفلسطينين اللاجئين إلى أرض وطنهم فلسطين، والذي هجروا منه قسراص فى عام 1948
وبالرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس عدوانيته يومياً ضد الشعب الفلسطيني، ومصادرة أرضه، لديه رعب مستمر من مطالبة الفلسطينيين وتمسكهم بحق العودة، بالرغم من أن حق عودة الفلسطينين معترف به دولياً من كآفة المنظمات والمؤسسات الدولية.
وبالرغم من سعي إسرائيل المستمر فى الحافظ على هدوء أمني عبر تنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية فى السلطة الفلسطينية، ومحاولة تعزيز نوع من أنواع الحياة المدنية والأقتصادية لسكان الضفة ليصبح السكان دائماً مميزون عن سكان قطاع غزة فى هذا الجانب، ليصبح لدي إسرائيل أجندة تركيز أخري تجاه إيران وغيرها من القضايا التي تشغلها، الا أن تهديد الداخل لا يقل عن تهديد قطاع غزة .
غزة لديها كثير من المفاتيح التى تفتح بها أبواب الرعب المستمر على إسرائيل، فحماس لديها أستراتيجية وأضحة تجاه القضية الفلسطينية، ومسألة الانفجار فى اي وقت مازالت مستمرة، وملفات حماس مع إسرائيل كثيرة من بينها ملف الأسري، لقد نجحت حماس أن تنقل عبر سنوات الصراع مع إسرائيل ليس الصاوريخ والسلحة المختلفة بل نجحت فى استقبال المعرفة ونماذج التصميام المختلفة للطائرات المسيرة التي لم تستخدمها إلى الأن بشكل مكثف أثناء معاركها السابقة مع إسرائيل .
كما فعلت فى الصاوريخ حيث أجمع كثير من المحللون علي إن حماس ضربت مناطق كثيرة فى إسرائيل بكثافة، ولديها القدرة علي توجيه ضربات أعمق داخل إسرائيل، وعبر سنوات كثيرة نجحت حماس بتلقي دعم السلاح من جهات مختلفة، بالرغم من حصار إسرائيل لقطاع غزة لأكثر من 15 عاماً ، وما فعلته حماس من ضربات صاروخية وصلت إلى مئة صاروخ فى بضع دقائق، مما دفع كثير من الخبراء إلى الاستغراب من قدرة حماس التي لم تكن متوقعة، لذا فأن حماس تشكل تحدياً أمنياً لإسرائيل مهم جداً قد يربك كل حسابات إسرائيل مع أول مواجهة قادمة وهو امر غير مستبعد خلال هذا العام .
ربيع عربي جديد
إن حرب روسيا وأكرونيا أدت إلى تفاقم الوضع الأقتصادي عالمياً ، وقد نتج عن ذلك تأثير مباشر على دول المنطقة العربية، من بينها دول تربطها بإسرائيل مصالح وحدودها ملا صقة لها، وهو يشكل تحدياً أمنياً جديداً لإسرائيل خاصة لونتج عن حالة الغضب الشديد بسبب الغلاء الذي يرتفع فى تلك الدول ربيع عربي جديد، يؤثر بشكل مباشر على تغيير الأنظمة فى تلك الدول، وهو ما يجعل إسرائيل تفقد كثير من حلفائها .
لقد شهدت أسعار الخبز فى الشرق الأوسط خلال الفترة الحالية ارتفاعاً سريعاً،مع موجة غلاء بزيادة فى الأسعار لكثير من السلع، وقد أدت تلك الزيدات فى السابق إلى مولد الربيع العربي السابق، بعد الإحتجاجات العنيفة والاضطرابات السياسية.
وقد بدأت الأحتجاجات فى الفترة الحالية ببعض الدول العربية ، منها العراق التي شهدت الأسبوع الماضي تجمع مئات المتظاهرين جنوب العراق احتجاجاً علي ارتفاع أسعار الخبز وزيت الطهي وسلع أخري، وقد أرتفعت نسبة السلع المستوردة فى العراق إلى 50٪ ، بينما نزل السودانيين أحتجاجاص على ارتفاع الخبز بنحو 50٪ وعلى الحكم العسكري المستمر . بينما دول عربية أخري لديها غضب مكبوت تعبر عنه فئات متعددة عبر ” السويشال ميديا” باحتجاجات علنية على الوضع الأقتصادي، هذه المظاهر تدل على شيء في الأفق ولكنه قادم، ووفقاً للأحصائيات المختلفة فأن الغذاء الأساسي في الشرق الأوسط هو الخبز، وجزء الوجبات الأساسية ،ويشكل الخبز والحبوب ما يصل إلى نصف النظام الغذائي المحلي المتوسط في الدول العربية ، مقارنة بما يصل إلى ربع متسط النظام الغذائي للأوروبيين .
*رئيس وحدة المالتميديا بمركز الشرق الأدنى للدراسات