الدورات الرمضانية في مصر… عندما يبدع الخيال الشعبي في مواجهة الفشل
د. محمد فتحي حصّان
كالمسحراتي ومدفع الإفطار والفوانيس وموائد الرحمن، وغيرها من مظاهر شهر رمضان، ارتبط الشهر الكريم في مصر بإقامة الدورات الرمضانية لكرة القدم في الساحات الشعبية ومراكز الشباب.
ومع بداية أزمة كورونا توقفت هذه الدورات تطبيقًا للإجراءات الاحترازية التي تم فرضها حفاظًا على سلامة المواطنين، ولكن هذا العام ومع انحسار كورونا عادت الدورات الرمضانية بقوة في ثوب جديد، حيث شهد تنظيم تلك الدورات العديد من الظواهر الجديدة التي تواكبت مع مستجدات الساحرة المستديرة، والتي نقلتها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وسوف نسلط الضوء عليها في العرض التالي مع محاولة للمقارنة بين ابداع الخيال الشعبي في مواجهة فشل القائمين على شئون كرة القدم في مصر.
الجانب التنظيمي:
تطور تنظيم الدورات الرمضانية هذا العام بشكل ملحوظ فأصبح هناك صفحة مخصصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لأغلب تلك الدورات للإعلان عن تفاصيلها المختلفة، من شروط الاشتراك وجدول المباريات، ولائحة العقوبات والجوائز…الخ.
وقد شهدت بعض الدورات حفل افتتاح بدأ بقراءة القرآن الكريم وعزف النشيد الوطني ثم إطلاق الألعاب النارية، كما شهدت بعض الدورات تصوير حفل الافتتاح جوًا بكاميرا درون .
كذلك استعان المنظمون في بعض الدورات الرمضانية بعدد من اللوحات الضوئية من أجل استخدامها عند تغيير اللاعبين وتحديد الوقت بدل الضائع للمباريات.
وكعادة الدورات الرمضانية في الوفاء ورد الجميل، أطلق منظمي الدورات الرمضانية أسماء الراحلين والشهداء على دورات هذا العالم، كذلك أطلق أسماء الراحلين على اسم بعض الفرق تخليدا لذكراهم وتكريما لهم.
بعكس الحال في الجانب الآخر، نجد سوء التنظيم يلازم أحداث وفاعليات الكرة المصرية ، بداية من عدم وجود جدول ثابت للمباريات في جميع المسابقات، فلا تعدم أن تجد مباريات الدور الثاني تلعب قبل انتهاء مباريات الدور الأول، وقد تلعب بطولة كأس مصر عن أحد المواسم الكروية بعد عامين من انتهاء هذا الموسم، هذا بالإضافة لتدني مستوى جودة البث الخاصة بالمباريات ، فبالكاد يتعرف المشاهد على رقم قميص لاعبي الفريقين، وقد يحرز أحد الفرق هدفا اثناء إعادة المخرج لأحد اللقطات ، بالإضافة إلى الفوضى التي تشهدها مراسم تتويج البطل في نهاية كل موسم واختلاط الحابل بالنابل وعدم السماح لزوجات وأبناء اللاعبين بالدخول لأرضية الملعب للاحتفال مع ذويهم، وقطع البث التلفزيوني قبل انتهاء مراسم التتويج.
استخدام تفنية الفار:
شهدت بعض الدورات الرمضانية هذا العام وجود تقنية الفيديو المساعد أو ما يسمى بالفار، فبإمكانيات بسيطة تم تصمم الصندوق الخشبي لجهاز الفار وطلائه باللون الأسود وكتب عليه كلمة VAR ، كذلك تم استخدام مونيتور يتم توصيلة بلاب توب وتليفون محمول وعدد من الكاميرات الصغيرة التي يتم تثبيتها بأنحاء متفرقة من الملعب ، وفي أحد الدورات الرمضانية تم الاستعانة بتقنية خط المرمى، وذلك بوضع كاميرا أعلى عارضتي الملعب مع إيصالها بأجهزة الحاسب للتأكد من صحة الأهداف.
على الجانب الآخر نجد أنه بالرغم من المشاكل التي واكبت استخدام تقنية الفار في الدوري المصري، فإنه تم الإعلان عن تغيبت الفار في بداية الدور الثاني من الدوري المصري هذا الموسم، بسبب عدم سداد الأموال المتأخرة للشركة الاسبانية المسئولة عن تلك التقنية .
التعليق على المباريات:
شهدت الدورات الرمضانية هذا العام ابتكار طرق طريفة للتعليق على المباريات، ففي أحد الدورات يعلق على المباراة من فوق “عربة كارو”، وفي دورة أخرى صمم منظمو الدورة كابينة تعليق على المباراة داخل جرار زراعي ومع انطلاق المباراة يصعد المعلق إلى كابينة الجرار الزرعي للتعليق على الأحداث.
على الجانب الآخر نجد المشاهدين في مباريات الدوري المصري يقومون بإغلاق صوت التليفزيون هربا من صوت المعلقين، كما نجد بعض هؤلاء المعلقين حديثهم خارج إطار المباريات، ونجد البعض الآخر يحولون التعليق لدرس وعظ ، ونجد آخرون يقدمون افيهات تحتوي على ايحاءات.
الحضور الجماهيري:
تشهد الدورات الرمضانية هذا العام حضور كبير للجماهير من جميع الفئات العمرية بعد فترة انقطاع بسبب الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا، فنجد الأطفال والشباب وكبار السن يحضرون المباريات لتشجيع فريقهم المفضل.
وفي الجانب الآخر نجد مدرجات مباريات الدوري المصري شبه خاوية، الا في بعض المباريات التي يكون طرفها الأهلي أو الزمالك، حيث سمحت رابطة الأندية بحضور 6000 مشجع في مباريات الدوري المصري الممتاز خلال موسم 2022-2023، بواقع 3 آلاف مشجع لكل فريق.
وفي النهاية فان المقارنة بين إمكانات منظمي الدورات الرمضانية البسيطة وإمكانات اتحاد الكرة المصري الهائلة، تضع مسئولي الاتحاد في موقف حرج بتعللهم الدائم عند كل اخفاق بضعف الإمكانات وقلة الموارد.