حرب السماوات المفتوحة
شهدت أجواء السماء فى الحرب الروسية الأكروانية، ومن قبلها سماء الشرق الأوسط، وغيرها من المناطق فى العالم استخدام مكثف للطائرات المسيرة وخاصة الصغيرة منها في هجمات عسكرية خطيرة. وبالرغم من وجود أكثر من مئتي نوع من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة فى الأسواق الإ أن الطائرات الصغيرة حققت ضربات ناجحة جعلت العديد من الدول تعيد حساباتها نحو الدفاعات المضادة لها .
أكروانيا تشيد بعمليات طائرات الدرون
كثير من مواقع التواصل الاجتماعي فى العالم، خاصة في تركيا وأوكرانيا تعج بالحديث عن دور الطائرة المسيرة بيرقدار TB2 في حرب أوكرانيا، والتي تصرح كييف بين الحين والاَخر إنها استخدمتها بنجاح ضد الجيش الروسي عدة مرات،وتدعم تلك التصريحات بنشر فيديوهات وصور لمركبات روسية متفجرة وغيرها من قطع السلاح الثقيلة محطمة، الدعاية تنتشر بشكل كبير مصحوبة بترجمة عربية وانجليزية وتركية.
ويتحدث خبراء عن قدرة تلك الطائرات الميسرة الجديدو والتي تثبت يوماً بعد يوم أنها نقلة كبيرة فى التقدم العسكري، والتي من الممكن أن تحسم عمليات عسكرية كبيرة وربما حروب !!
تحديات جديدة فى مناطق النزاع
مع صعوبة رؤية الطائرات الصغيرة بالعين المجرّدة حتى من مسافات قريبة، إضافة إلى أنها غير قابلة للكشف عنها بشكل عام بواسطة رادارات الدفاع الجوي المصممة للكشف عن الطائرات الكبيرة والسريعة ومع إنخفاض تكلفةالتصنيع لتلك الطائرات والتى تقدرعلى سبيل المثال في سعر الطائرة التجارية الصغيرة بدون طيارإلى أقل من 500 دولار بينما تكلفة صاروخ “باتريوت” واحد ما يقرب من مليون دولار .
كلها عوامل جعلت من سعي الدول التى تعيش أجواء التوتر والحروب فى الشرق الأوسط مثل إيران وتركيا وغيرها حريصة على تطوير صناعة الطائرات بدون طيار بل ورائدة في صناعة تلك الطائرات .فتم انتاج أعداد كبيرة منها باسماء وأحجام مختلفة أو الحصول عليها من دول أخري للدول التى لا تصنعها . كما ذكر مهندس طيران مدني يعمل فى المجال منذ سنوات عديدة، تحدث لنا عن أستخدام الطائرات الصغيرة المسيرة والطائرات بدون طيار .والتي ظهرت بكثافة وبتأثير عال في الحروب التي تدور حاليا في كل من أكورانيا وروسيا، وهجمات الحوثيين للملكة العربية السعودية والأمارات، و سوريا والعراق واليمن ،وهوالأمر الذي شكل تحديات متعددة تقف أمام تلك الدول والشرق الوسط بشكل عام بعد منظومات المضادات الدفاعية المتعددة والتى تتكلف الملايين .
المدير المشارك لـ “مركز دراسات الطائرات بدون طيار” في “كلية بارد” آرثر هولاند ميشيل ، فى دارسة له قدمه لمركزه عام 2018 ونشرت فى وسائل إعلام مختلفة “تحت عنوان “نظم التصدي للطائرات بدون طيار” يشير إلى وجود العديد من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات المسيرة أو الطائرات بدون طيار التى لا تمتع بالفعالية التى تسوق لها نفسها . مع تأكيده فى نفس الوقت على أستعانة التكنولوجيات المضادة للطائرات بدون طيار قيد التطوير بمجموعة مبهرة من تقنيات الكشف والاعتراض .
ومن أمثلة ذلك إعتماد عناصر الكشف والتتبع على الراداد ، ، والكاميرات الكهربائية البصرية ، ورصد الترددات اللاسكية، وأجهزة الاستشعار الصوتية التي تكشف الصوت المميز الذي يصدره النوع الشائع من الطائرات دون طيار ، وأجهزة الاستشعار العاملة بالأشعة تحت الحمراء ، وأجهزة الليزر، والموجات الكهرومغناطيسية، وأنظمة الشباك أو التشابك الأخرى، والمقذوفات الحركية، والجمع بين هذه الأساليب. وعلى الرغم من الإمكانيات المتعددة للأنظمة الجوية المضادة للطائرات مازالت لا توفر ردا كاملاً على تهديدات الطائرات الصغيرة بدون طيار . كونه لا يوجد تقنية كشف وأحدة مما سبق ذكره بين تقنيات الأنظمة الجوية المضادة للطائرات المسيرة أوبدون طيار قادرة على كشف وتعقّب كافة أنواع الطائرات بدون طيار في جميع الظروف.
مخاطر ناجمة عن ” التصدي ” :
مهندس الطيران المدني قال عن المخاطر التى قد تنجم عن الاعتراض ” التصدي “لتلك الطائرات هناك سباق بين الدول . من أجل تطوير مضادات الدفاع الجوي لكي تستطيع التصدي للطائرات الصغيرة وعلي الجانب الاّخر هناك تطور أيضاً فى إنتاج الطائرات التجارية المسيرة الصغيرة . والحقيقة أن هناك تحديات تكمن فى النمو السريع الذي يشهده قطاع الطائرات التجارية بدون طيار. مضيفاً أنه لا توجد معايير دولية خاصة لتصميم واستخدام تكنولوجيا الأنظمة الجوية المضادة للطائرات المسيّرة أو الطائرات بدون طيار. و يعني ذلك إمكانية وجود تفاوت بين الأداء والموثوقية والسلامة التي قد تبدو متشابهة على الورق.
مشيراً إلى أنه من الممكن للطائرات الصغيرة المسيرة أو الطائرات بدون طيار عند اعتراضها بوسائل ” ملموسة ” مثل الليزر أو المقذوفات أن تسقط على الأرض وتسبب ضرر لو كانت تحمل متفجرات ، أو غيرها من الشباك التى تستخدم المظلات لإنزال الطائرات إلى الأرض بطريقة منضبطة إلى حد كبير قد تشكل خطراً أيضاً على المتواجدين على الأرض ، لذلك فأن تقنيات الأنظمة الجوية المضادة لتلك الطائرات تكون فى الغالب غير قابلة للإستخدام فى المناطق المكتظة بالسكان إن التطور السريع لتكنولوجيا الطائرات المسيرة جعل التحديات أكثر .
وقد أشار إلي أحد التجارب التى أقدم عليها البنتاجون فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2017 فى مناورة للتدريب على التصدي للطائرات بدون طيار من خلال مجموعة متنوعة من شركات تصنيع الأنظمة الدفاعية أستمرت لخمسة أيام، باختبار ما تنتجه من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة على طائرات بدون على مسافات مختلفة وبعد المناورة قالوا أن غالبية الأنظمة المضادة لها بحاجة إلى مزيد من التطوير .
مستقبل الطائرات المسيرة
“نحن بلا شك الآن في عصر الدرونات الثاني عصر انتشار هذا النوع من الطائرات” هكذا علق فى أحد الندوات المتخصصة عن طائرات ” الدروان ” “كريس وودز” مدير منظمة “إيروورز” البريطانية الحكومية الذي ظل يتابع عمليات طائرات (الدروان) في العالم لأكثر من عشر سنوات .
يتوقع أن يقترب الإنفاق العالمي مع نهاية هذا العام 2019 حوالي 100 ملياردولار بلغ عدد الدول التي تستخدم هذه الطائرات والتي تعمل على تطويرها، أكثر من أربعين دولة. من أهم تلك الدول الولايات المتحدة ، إسرائيل ، الصين ، إيران ، تركيا ، المانيا ،بريطانيا . إن تحقيق التوزان بين التطور فى عالم الطائرات التجارية الصغيرة والطائرات بدون طيار وبين المضادات الدفاعية لها أمر صعب . خاصة مع عدم التمييز تلقائياً بين الطائرات المسيّرة المسالمة والمؤذية بعد أن صارت تستخدم فى كل الأحداث الرياضية والفنية وغيرها وصارت الأجواء مكتظة بطائرات تصوير جوية . وسوف يكشف المستقبل عن كيفية مواجهة حرب السماء المفتوحة .