
الصين تُعيد تشكيل سوق الدرون العالمية
السيد الربوة
- والصين تنتج 70–80% من الدرونات التجارية عالميًا
- الصين تستثمر بكثافة في تطوير تكتيكات قتال “سرب الدرونات”
- سلمت الصين أكثر من 280 طائرة قتالية بدون طيار إلى 17 دولة
في العقود الأخيرة، غيَّرت التكنولوجيا العسكرية المشهد الحربي بشكل جذري، وأصبحت الطائرات المسيَّرة (الدرون) واحدة من أبرز الأدوات التي تحدد نتائج الصراعات العسكرية. منذ أول استخدام لها في الحروب الحديثة، تمكنت الطائرات المسيَّرة من إحداث ثورة في تكتيك الحروب، حيث صارت تشكل عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجيات العسكرية.
منذ عام 2020 وحتى 2025، ازداد استخدام الطائرات المسيَّرة بشكل لافت، سواء في العمليات العسكرية الكبرى أو في العمليات الجراحية الدقيقة. التطور السريع لهذه التكنولوجيا أصبح يمثل تحولًا نوعيًا في ساحة المعركة، من حيث القدرة على تنفيذ الضربات الدقيقة، المراقبة المستمرة، وحتى الاستطلاع الاستخباراتي. وباتت العديد من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، الصين، وتركيا، تتسابق لتطوير أسطول من الطائرات المسيَّرة القادرة على التحليق لمسافات طويلة، العمل في بيئات معقدة، وتنفيذ مهام لا يمكن للطائرات التقليدية أو القوات البرية القيام بها بكفاءة.
لكن الأهم من ذلك هو أن هذه الطائرات لم تقتصر على الجيوش النظامية فحسب؛ فقد أدت الهجمات بالطائرات المسيَّرة في الصراعات الصغيرة أيضًا دورًا محوريًا في التأثير على موازين القوى. فالصراعات في اليمن، ليبيا، أوكرانيا،السودان – العراق- وغيرها من دول العالم ، شهدت تزايدًا لافتًا في استخدام الدرون كأداة هجومية وعملية دفاعية، ما يعكس تحولًا في الأساليب القتالية التي قد تُغير من شكل الحروب في المستقبل.
إن سؤال “كيف ستكون حروب المستقبل؟” أصبح مرتبطًا بمستقبل الطائرات المسيَّرة، حيث يتوقع الكثير من الخبراء أن هذه التكنولوجيا ستصبح أداة أساسية لا غنى عنها في كل حروب القرن الحادي والعشرين. من الآن وحتى الأعوام القادمة، من المتوقع أن تزداد الطائرات المسيَّرة تعقيدًا، وستشهد استخدامات جديدة وجريئة، سواء في الحروب بين الدول الكبرى أو في النزاعات المحدودة، مما يطرح تحديات جديدة في معايير القانون الدولي و الاستراتيجية العسكرية.
الصين وصناعة الأسلحة
في الأعوام 2023–2025 رسّخت الصين موقعها كأحد أهم صُنّاع السلاح في العالم، مع توسّعٍ متسارع في التصدير نحو الشرق الأوسط وأفريقيا. تُظهر أحدث بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري) أن الصين جاءت رابع أكبر مُصدّر للأسلحة عالميًا في الفترة 2020–2024 بحصة تقارب 5.9% من إجمالي الصادرات، خلف الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، مع حفاظها على حضورٍ متنامٍ في الأسواق النامية التي تبحث عن حلولٍ أسرع وأقل كلفة لتحديث جيوشها. ويبرز الشرق الأوسط—خاصة الخليج ومصر—وأجزاء واسعة من أفريقيا كمحركاتٍ رئيسية لهذا الطلب، في ظل بيئات صراعية وحاجة متزايدة للتسليح والتقنيات غير المأهولة.
وتتجلّى قفزة الصين النوعية في مجال الطائرات المُسيّرة القتالية؛ إذ أصبحت المُصدِّر الأول عالميًا لهذا الصنف خلال العقد الأخير، مع تسليم نحو 282 طائرة مُسيّرة قتالية إلى 17 دولة، أبرزها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستفيدةً من الأسعار التنافسية لطرازات مثل Wing Loong وCH-4 التي تُباع عادةً بمستويات أقل بكثير من نظيراتها الغربية. وقد جعلت هذه الميزة السعرية—إلى جانب شروط تمويل مرنة—الدرون الصيني خيارًا مُفضّلًا لعدد متزايد من الجيوش في المنطقة وخارجها. كما تكشف تقارير تحليلية حديثة استمرار الصين في تطوير مفاهيم قتال السرب وتكتيكات الدرونات، ما يرسّخ مكانتها كمورّد مؤثر ومطوّر رئيسي للتقنيات غير المأهولة.
رهان على سوق الطائرات المسيّرة
هذه المؤشرات السابقة ترسم صورة لِقوة صناعية عسكرية تتقدّم بثبات: شبكة إنتاج واسعة، تسعير مرن، وابتكار متواصل في الدرون، مع تركيزٍ سوقي واضح على الشرق الأوسط وأفريقيا خلال 2023–2025.
حيث تشهد الصين خلال العقد الأخير طفرة غير مسبوقة في مجال الصناعات العسكرية، جعلتها تُصنّف بين القوى الكبرى في سوق السلاح العالمي. فمن حيث الكمّية والإنتاج، أصبحت بكين اليوم ثالث أكبر مصدر عالمي للأسلحة بعد الولايات المتحدة وفرنسا (وتتبادل أحيانًا المرتبة مع روسيا)، مع أكبر قاعدة صناعية عسكرية في آسيا، وثاني أكبر ميزانية دفاعية بعد الولايات المتحدة.
هذا التفوق لا يقتصر على الكمّ فقط، بل يشمل التقدم التكنولوجي؛ إذ أحرزت الصين قفزات نوعية في الطائرات المسيّرة القتالية مثل طرازات Wing Loong وCH-4 التي نافست بقوة المنتجات التركية والأمريكية، وانتشرت بشكل واسع في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا. كذلك واصلت الصين تطوير الصواريخ الباليستية والفرط صوتية مثل (DF-ZF)، وبناء أكبر أسطول بحري من حيث العدد، إلى جانب الاستثمار المكثف في الذكاء الاصطناعي العسكري والحرب السيبرانية.
الشرق الأوسط وأفريقيا
نجحت الصين في ترسيخ حضورها، بعدالتوسع السعودية حصلت على صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استخدمت في عملياتها باليمن، كما منحت تراخيص لتصنيع بعض الطرازات محليًا. الإمارات وقطر اشترتا Wing Loong II واستخدمتاها في نزاعات إقليمية. مصر تعد من أبرز المستوردين، مع تعاون متزايد في تصنيع طائرات بدون طيار محليًا.
في أفريقيا، برزت الجزائر ونيجيريا وعدة دول جنوب الصحراء كزبائن رئيسيين، حيث أصبحت الصين ثاني أكبر مزود للسلاح للقارة بنسبة 18% خلال 2020–2024.
الأرقام تكشف حجم هذا التوسع: فخلال العقد الماضي، سلمت الصين أكثر من 280 طائرة قتالية بدون طيار إلى 17 دولة، لتصبح المصدر الأول عالميًا في هذا المجال. وحدها مدينة شنتشن، عاصمة صناعة الدرون، سجلت صادرات بنحو 573 مليون دولار في الأشهر الأربعة الأولى من 2024، بزيادة تفوق 42% عن العام السابق.
المستقبل يبدو أوضح
الصين تستثمر بكثافة في تطوير تكتيكات قتال “سرب الدرونات” والتوسع في أسواق جديدة، ما يجعلها لاعبًا حاسمًا في صياغة شكل الحروب المقبلة، ويؤكد أن الدرونز الصينية لم تعد مجرد سلاح داعم، بل أداة استراتيجية تعزز النفوذ الصيني في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتفتح الباب لتغير موازين القوى عالميًا.
بين عامَي 2023 و2025 عزّزت الصين مكانتها كقوة تصنيعية وتسويقية في السلاح: حجم إنتاج ضخم، تسعير مرن، وقدرة على تلبية الطلب سريعًا—خصوصًا في الشرق الأوسط وأفريقيا. ووفق أحدث أرقام “سيبري”، حلّت الصين رابع أكبر مُصدِّر للسلاح عالميًا بحصة 5.9% في 2020–2024، مع زخم واضح في فئات التكنولوجيا غير المأهولة (UAV/UCAV).
أين تتفوق الصين؟
القدرة الصناعية والكمّ: أكبر قاعدة صناعية عسكرية في آسيا، وسلاسل توريد واسعة تُتيح إنتاجًا سريعًا وكبيرًا، مع ثاني أكبر ميزانية دفاع عالميًا. (مرجعية عامة عبر سيبري).
منظومة صناعية ضخمة للدرون المدني تُغذّي العسكري (مكوّنات ومحركات وكاميرات واتصالات). شنتشن مركز عالمي؛ والصين تنتج 70–80% من الدرونات التجارية عالميًا حسب تغطيات، القوة الرخيصة… الدرونات الصينية تُربك ميزان القوى