مقالات

أمينة العناني تكتب: نص مشكل

” هتزود الريتش ازاي”.. اتفقنا أو اختلفنا، أصبحت هذه الكلمات البسيطة، الشغل الشاغل للملايين حول العالم.. فهي ليست كلمات خاصة بمجتمع يحافظ على التقاليد أو مجتمع منفتح لا يعبأ بها، بل أصبحت الهم الشاغل والأساسي والوحيد لجميع سكان الأرض بمختلف أعراقهم وتوجهاتهم وأعمارهم.

وأصبحت ببساطة لغة العصر الدارجة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي..  الجميع يبحث ويركز ويطور من أدائه لجذب المزيد والمزيد.. مازال البعض يحافظ على قيمه ومبادئه منذ انتشار هذه التكنولوجيا الحديثة في المجتمع.. فيراعي الأصول والتقاليد والأعراف.. وهناك من أغراه حلم الثراء السريع.. فضرب بكل قيمة ومبدئ عرض الحائط.. رغبة في تحقيق ربح سريع يسد رمق احتياج لا يشبع وأحلام اغتالتها الظروف بقسوة.

وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من الغرف التي سيصيبك الذهول من مشاهدتها ومتابعتها.. فهناك تلك الغرفة التي تقوم بها إحدى الفتيات بعرض مفاتنها الخلابة على متابعيها، وغيرها التي تقدم عروض راقصة خليعة وغيرهن ممن تخلين عن وشاح العفة والخجل ليتمكن من الفوز بطائرة أو سيارة سباق أو ربما أكثر.. أسد أو مدينة الأحلام، وذلك بعد أن فقدن الأمل في الارتباط بثري عربي قادر على انتشالهن وذويهن من أغوار الفقر الذي لا يرحم ولا يستكين.

وهناك تلك الشاشة التي ترى خلفها أسرة مكتملة العدد تتناول الطعام.. سواء كانت مائدة حافلة شهية.. أو مائدة بسيطة.. أو القيام ببعض التحديات لتناول طعام غير مستساغ أو تناول كميات كبيرة منه.. أو تناول أطعمة غريبة في فترات غير متوقعة” كتناول الأسماك المملحة في الساعات الأولى من الصباح” أو تناول أطعمة لاذعة وحارقة في تحدى يدفع ثمنه المتابعين من هدايا ثمينة غالية تزيد من أرصدتهم على التطبيق.

غرف كثيرة انتشرت الأيام الأخيرة مليئة بالتحديات الرياضية والتي يقوم بها الكثير سواء فتيات أو سيدات متزوجات يعانين من ضيق الحال أو مطلقات لا يمتلكن قوت أولادهم أو رجال صغار وكبار، البعض يقوم بالتحديات وهو يضحك والبعض يقوم بها وهو يبكي مطالبا بأي مساعدة مهما كانت.. والتحديات تكون عبارة عن رفع أثقال وهمية مثل زجاجات المياه أو الرمال أو أثقال تختلف أوزانها.. وتم تحديد كل حجم بهدية معينة .. وبكلمات حزينة ووبعض العبرات تمتلأ الشاشة بالهدايا المشجعة لهم ليستمروا فيما يفعلون.

ومازالت الغرف تمتلئ بالغرائب والطرائف.. فهناك شاشات تمتلئ بالهتافات للرعاة وأغلبهم من الخليج ذوي الهدايا الباهظة التي يلهث خلفها هؤلاء.. والغريب في الأمر أنك سوف ترى الأسرة جميعها تلتف أمام شاشة الهاتف لجذب الراعاة والهتاف والتصفيق وإطلاق الزغاريد والأغاني المرحبة بهم.. تستطيع أن تصفه بالسيرك الصغير المبهج.

أغرب هذه الغرف هي غرفة المستغني الذي لا يحتاج إلى هذه الهدايا ولا إلى الرعاة لكنه يرغب في تحقيق الريتش المرتفع لتحقيق شهرة واسعة بين أقرانه على التبطيقات من خلال محتوى قد يكون هادف أو لا يكون.. قد تكون مجرد صور شخصية أو في أماكن متنوعة.. المهم أن تكون المحصلة في النهاية زيادة الريتش.

ببساطة تستطيع أن تطلق علىها مواقع  الـ “نصف مشكل” كلا حسب ذوقه ورغبته، وأنت كضيف زائر لا تملك من الأمر أن تمنع أو أن تبيح.. فعليك متابعة هذه الغرف في صمت.. لست مطالب بالمشاركة أو الاحتجاج أو حتى الموافقة ..فقط تابع ما يحدث من بعيد حتى لا تصيبك العدوى وتتحول من ضيف زائر إلى مقيم في إحدى هذه الشاشات تستعرض إحدى مهاراتك الجديدة التي قد تمنحك ربح وهمي زائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى