
دون مقابل وبلا حدود
أمينة العناني
تمر بنا لحظات كثيرة نشعر فيها بالضيق أو التعب أو بأحمال كثيرة تثقل على عاتقنا ولا نستطيع معها سبيلا، فيكون الملجأ الوحيد هو تبادل الحديث مع أصدقاء مقربين أو الهروب إلى أماكن محببة إلى نفوسنا، علنا نجد بها الخلاص مما تضيق به صدورنا.
أحيانا يكون ضيق الأحوال ليس بسبب نقص في الأموال أو الثمرات ولكن حادث أليم مفاجئ أفقدنا من نحب أو تسبب في إصابات بالغة أقعدت الأحباب لشهور كثيرة عاجزين فيها عن الحركة أو ممارسة أنشطتهم المحببة، بل والأسوء يكون لديهم عجز حتى في تلبية احتياجات النفس الطبيعية البسيطة، يتحول الإنهاك الجسدي إلى إنهاك نفسي قاسي يضع أحمالا على أحمال لنفوس تبحث عن لحظة سعادة أو استقرار نفسي يؤهلها لإكمال المسيرة، أو ربما لنقص في الأنفس وهو أمرا لابد واقع لا محالة على الجمع.. أهوال وأهوال تمر على النفس وتتلاطم الأمواج لتجثم على صدورنا أيام ثقال.. حتى ينزاح الغم والهم بقوله تعالى” الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
دائما أبدا يكون الخلاص في الخل الوفي والصديق المخلص، ذلك المخبأ الذي تلجأ إليه عند الحاجة وتجده دائما في انتظارك أينما طرقت بابه لا يكل ولا يمل.. دائما هو هناك ينتظرك.. بل أحيانا قبل أن تسأل تجده يجيب ويلبي النداء المكتوم بداخلك.. يستمع إليك يطمأنك يؤكد لك دائما أنه في الانتظار.. وتؤكد أفعاله دائما أن أبواب الخير لن تغلق أبوابها أبد الدهر.
وبالرغم من أن حياة كل شخص لا تخلى من المشاكل والهموم والأعباء الدائمة المستمرة.. إلا أنه يوجد هناك بعض الملائكة يسيرون على الأرض بيننا ويتعايشون معنا.. استطاعوا أن يتخلصوا من أعبائهم الدنيوية ليسموا فوق البشر بأفعال رحيمة يتسابقون بها لفعل كل ما يمكن وكل ما هو متاح وصعب ليطمئنوا بها هذه القلوب الحزينة والعقول المنهكة.. يسيرون بين الناس جابرين للخواطر ومؤنسين للقلوب وماسحي الآلام والأحزان والعبرات من كل وجه حزين يرنو للحظة سعادة وإنفراجة للهم..
“إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا…” لم ينكر القرآن فضل الأصدقاء بل ثبته وأيده، وكان أعظمها على الإطلاق، صداقة سيدنا أبي بكر الصديق لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكلمات جميلة من الله لتطمئن قلوبهم وإخلاصهم لهذا الطوق الصادق بين صديقين جمعهما غار مظلم، أناره الله بكلمات مطمئنة لها جميل الوقع على الأنفس.
تحية من القلب لكل قلب هناك ينتظر أن تسأل ليجيب.. تطلب ليلبي.. تبكي ليواسيك.. تتوه ليدلك على الطريق.. تحية خالصة لكل باب طُرق عليه فأجاب دون تردد ومنح بلا حد وأعطى بلا توقف.. تحية إلى هؤلاء الذين تكون الحياة بهم جنة الخلد ودار الآمان ونبع الحياة.. دون مقابل وبلا حدود



