قضايا وتحليلات

ألاء يوسف تكتب: رموز الصمود الفلسطيني.. أقدمها الزيتون وأحلاها البطيخ وبينهما ملعقة

على مدار ما يزيد عن 70 عامًا  لم يكف الشعب الفلسطيني عن مقاومة الاحتلال ما استطاع لذلك سبيلًا، خالقًا من كل ما حوله رمزًا للصمود.

 وكاد الشجر والتراب وماء البحر ينطق بحق الفلسطيني فيه، مشعلًا حقد المحتل فاقتلع الأشجار، وحرق المزارع، وجرف الأراضي، وحول مجرى النهر، وما نجح في إطفاء شعلة الصمود، أو سد فوهة البندية الفلسطينية.


الكوفية الفلسطينية
(الحطة)

بدأ ارتباط (الحطة) الوشاح الأبيض المزخرف بالأبيض بمعاني المقاومة منذ اندلاع الثورة الفلسطينة عام 1936م، في وجه الانتداب الفلسطيني والعصابات الصهيونية؛ إذ تلثم بها رجال الثورة لإخفاء هوياتهم عن قوات الاحتلال.
وكانت الحطّة الفلسطينة تصنع غالبًا من الكتان أو القطن،  ليحتمي بها الفلاحون من أشعة الشمس والرمال، بينما كان أهالي المدن يرتدون (الطربوش)؛ إلا أنها تحولت لرمز للكفاح الوطني بعدما ارتداها كل رجال القرى وشيوخها، ليصعب على القوات البريطانية تمييز الثوار من بينهم.

وحاولت القوات البريطانية حظر ارتداء الكوفية والتلثم بها، فألقت القبض على كل من ارتداها من الفلاحين ظنًا بأنه من الثوار، ما دفع سكان المدينة كذلك لارتدائها تضامنًا منهم مع الحراك الثوري.

وحرص الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على ارتداء الكوفية طوال حياته تعزيزًا للمعنى المتمثل فيها، فصارت علامة مميزة له، حيث كان يلفها على كتفه الأيمن لتشبه خريطة فلسطين قبل 1948م.
وتحتضن الحطّة الفلسطينة عددًا من النقوش السوداء، أولها شبكة الصيد التي تمثل تاريخ البحارة والصيادين الفلسطينين على ساحل البحر الأبيض، وثانيها أوراق الزيتون باعتبارها الشجرة الأكثر تمييزًا للأراضي الفلسطينية، وآخرها الخط العريض الممثل لطرق التبادل التجاري مع دول الجوار.
وقد أصدرت وزارة التعليم الفلسطينية قرارًا في عام 2015م، بتخصيص تاريخ 16 نوفمبر يومًا وطنيًا للكوفية الفلسطينية؛ لتبقى الأجيال الناشئة متصلة برموز الهوية الوطنية الفلسطينية؛ مرتبطة بتاريخها.

شجر الزيتون


مثلت أشجار الزيتون أحد رموز الهوية الفلسطينية فارتبط بها الفلسطيني دنيًا، وثقافيا، واقتصاديًا؛ لا سيما وأن أراضي قرية الولجة جنوب مدينة القدس المحتلة تتجذر فيها أقدم شجرة زيتون في العالم، يقدر عمرها بحوالي 5500 عامًا وفق تقدير منظمة اليونسكو.

وتقتات على ثمار الزيتون حوالي 10 آلاف أسرة فلسطينية، فضلًا عن تغطيته لاحتياجات 100 ألف أسرة، كما يمثل موسم قطاف الزيتون وعصره موسمًا اجتماعيًا واقتصادية مرتبطًا بالهوية الفلسطينية، إضافة للحرف اليدوية المعتمدة على خشب الزيتون، ومن قبلها صناعة المسابح من بذور الزيتون التي بدأت في بيت لحم.

ويحمل الاحتلال الإسرائيلي حقدًا واضحًا تجاه شجرات الزيتون؛ إذ اقتلع منذ عام 1967 ما بين 2.5 ـ 3 مليون شجرة زيتون من الضفة الغربية، بحجة إقامة مشاريع استيطانية ومعسكرات، وطرق للمستوطنين، وجدر فصل عنصرية.كما يعمد المستوطنون في أعمالهم الإرهابية تجاه الفلسطينيين إلى حرق مزارع الزيتون لإفساد التربة الزراعية، سعيًا لاجتثاث أصحاب الأرض منها؛ وهو ما تؤكده الكاتبة عميرة هاس” في مقالها بصحيفة “هآرتس” العبرية تحت عنوان: “كل شجرة مقطوعة هي مقدمة لتهجير فلسطيني”.
وعلى الرغم مما سبق؛ يواصل الفلسطينيون غرس شتلات الزيتون، ووقف مزارعه، إيمانًا بمباركته، وقدسية زيته.


مفتاح العودة

يمثل المفتاح رمزًا للصمود الفلسطيني والتشبث بحق العودة للديار التي هجرت العصابات الصهيونية أهلها منها في عام 1948م، وأقامت عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويُعد مفتاح العودة وثيقة معنوية لما يقارب 750 ألف فلسطيني تم تهجيره من منزله بقوة السلاح أو بارتكاب المجازر، في الوقت الذي لم يأبه العالم لـ (الكوشان) كوثيقة قانونية تثبت ملكيتهم لديارهم على أراضيهم الفلسطينية المحتلة.
ويتوارث اللاجئون الفلسطينيون مفتاح الديار تأكيدًا على حق العودة، استنادًا إلى  القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر 1948، القاضي بأحقية الفلسطينيين المهجرين أثناء النكبة وعلى أثرها في العودة إلى منازلهم وأراضيهم؛ إلا أن ذلك لم يتحقق حتى يومنا بل يحاول الاحتلال تكراره مع أهالي قطاع غزة الآن.


طائر الحرية الفلسطيني


يطلق هذا الاسم على طائر الكويتزال، الذي يفضل قتل نفسه عن تقييد حريته أو وضعه في أي قفص، ما يدفع بعض المستفيدين من ريشه إلى سرعة إطلاق سراحه قبل انتحاره، لا سيما وأن صيده محرم دوليًا.
وفضلًا عن طبيعته الأبية إلا أن سبب تسميته بطائر الصمود الفلسطيني ترجع إلى مطابقة ألوانه لألوان العلم الفلسطيني (الأخضر والأبيض والأحمر والأسود).

البطيخ

لم يقف الفلسطينيون مكتوفي الأيدي أمام تعسف الاحتلال في أي فترة زمنية، فعلى الرغم من غزو رمز البطيخ وسائل التواصل الاجتماعي للتغلب على التضييقات على المحتوى الداعم لفلسطين خلال مواجهتهم للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أن الفكرة ابتكرت خلال الستينيات.

ففي عام 1967م منعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي حمل العمل الفلسطيني او إظهاره بأي طريقة، ما دفع الفلسطينين لاستخدام شرائح البطيخ ـ شائعة الزراعة في جنين ـ لإظهار الفخر الوطني باعتبار هذا الفاكهة تضم الألوان الأربعة للعلم.
كما اعتمده الفنانون كوسيلة تعبيرية كما رفعها المحتجون في الميادين تنديدًا بسياسات الاحتلال القامعة.

الملعقة


خلق الفلسطينيون من الملاعق رمزًا للصمود والمقاومة بعدما نجح 6 أسرى في الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة، مستخدمين (الملعقة) لحفر النفق الذي خرجوا منه.
وعلى الرغم من إعادة اعتقال الأسرى إلا أنهم نجحوا في إعادة الأمل في الحرية، وسجلوا انتصارًا ولو وقتيًا على قوات الاحتلال.


المثلث الأحمر المقلوب


انضم المثلث الأحمر المقلوب لقائمة رموز الصمود حديثًا، بعد ظهوره في فيديوهات فصائل المقاومة الفلسطينية لتوثيق استهدافها آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي من المسافة صفر؛ بينما اعتبره بعض المتابعين ممثلًا للمثلث الأحمر في العلم الفلسطيني.

“لا سمح الله”


تحولت عبارة “لا سمح الله” إلى احتجاج على تجاهل القضية، بعدما رددها أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، في إحدى خطاباته موجهًا اللوم لقادة الدول العربية.

ولم يقتصر استخدام العبارة في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ فقد رددها نائب مجلس الأمة الكويتي عبد الكريم الكندري، قائلًا في إحدى مداخلاته  “جميعنا خذلناهم، ونحن أيضًا خذلناهم، أنتم خذلتوهم، وأنا شخصيًا لن أكون (لا سمح الله)”.

كما استخدمها المتظاهرون المطالبون بطرد السفير الإسرائيلي في العاصمة عمان، هاتفين: “تطرد سفير؟ لا سمح الله، تغلق سفارة؟ لا سمح الله، تفتح الحدود؟ لا سمح الله”.

*باحثة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى