النزاعات المسلحة ودينامية التحولات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
آلاء يوسف
ـ المؤلف: محمد عصام لعروسي.
ـ سنة النشر:2020.
ـ جهة النشر: مجموعة النيل العربية.
بين دفتي الكتاب:
“من المرجح استمرار النزاعات المسلحة والأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وبالرغم من أهمية الصراعات الطائفية، إلا أنها ليست المغذي الوحيد للمزيد من النزاعات، وإنما وُظفت لخدمة أجندات داخلية وخارجية، لديمومة التأجج في ساحة نموذجية لاقتسام وتغيير موازين القوى”.
بهذه الرؤية انطلق الكاتب في عرض التحولات الجيوسياسية في المنطقة، وتطوراتها، ومآلاتها، موضحًا دور القوى العالمية والإقليمية في تأجيج صراعات المنطقة، ومدى تأثرها بنتائج تلك الصراعات؛ وذلك عبر 6 فصول؛ نستعرض أهم أفكارها فيما يلي:
*الفصل الأول: النزاعات المسلحة ونظام الأمن الإقليمي
يشير الكاتب إلى أن النزاعات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط تغيرت بشكل جذري، خلال العقدين الآخرين، منتقلة من مرحلة الحروب النظامية كحربي الخليج الأولى والثانية؛ إلى حروب غير نظامية تنال مما فوق الدول وتحتها.
ويعتبر أن من الأكثر التغييرات وضوحا على سمة النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، هي اعتمادها على المدنيين بشكل كبير، سواء كمحتجين أو تنظيمات ذات أيديولوجية معينة، بالإضافة لاستعمالهم السلاح التقليدي الذي أصبح متوافرا حتى بجانبه الثقيل.
ويُرجع هذا التغير لعدة عوامل؛ بينها:فشل الدولة، وتحول مفاهيم القوة الداخلية والإقليمية، وصعوبة مراقبة الحدود الدولية، وتدفق الهجرات المتتالية، وتصاعد المليشيات المخالفة لكل مفاهيم الدولة الوطنية.
وقد أثر تغير آليات الصراع على مفهوم التوازن الاستراتيجي في الشرق الاوسط، نظرًا لإمكانيات المنطقة وقدرتها في التأثير على المصالح الاستراتيجية الدولية ومن ثم التوازنات الدولية والإقليمية.
ويمكن تلخيص التغير في سمة النزاع المسلح، وتأثيره على نظام الأمن الإقليمي؛ في المحددات التالية:
ـ نطاق النزاع:
كان عدد المشاركين في النزاع، من أهم محددات نطاقه الإقليمي؛ إلا أن العديد من الدراسات الحديثة قد أولت اهتمامًا خاصًأ بأنظمة الخلافات ذاتها، لتفسير ظواهر الحروب الأهلية، والعنف الطائفي، وتزايد الميليشيات العسكرية.
كما تعتبر بنية الدولة الوطنية ومركزيتها، من أهم العوامل المؤثرة في نطاق النزاع الإقليمي، فضعف المركزية الوطنية للدولة كما في سوريا قد يؤدي إلى زعزعة استقرارها، ما يجعلها مصدر قلق واضطرا لدول الجوار عبر توسع النزاع إلى أراضيها، أو عبر تدفق موجات اللاجئين، كما حدث مع مصر، وتركيا، والأردن، وهو ما أطلق عليه “myrom weiner” مصطلح (الجوار السيئ).
ويعتبر الكاتب أن العامل الرئيس لانتشار الحروب الداخلية والأهلية في منطقة الشرق الأوسط، يرجع إلى وجود نوعيات معينة من المجتمعات تبني أساس شرعيتها على الأنانية الضيقة، والتعصب للهوية “parochial Altruism”؛ إذ يرتبط الإقصاء الاجتماعي بالعنف ويساهم في خلق جماعات فئوية على أساس العرق، أو الجنس، أو الدين، وهو ما يمثل ظاهرة عالمية وليس إقليمية فقط.
ـ مؤشرات النزاع:
يعدد بعض الباحثين ستة عوامل رئيسية لاندلاع الصراعات العسكرية؛ وهي: تقارب الحدود الجغرافية، والتأخر الديمقراطي والاقتصادي، وغياب كل من التحالفات، وهيمنة الدولة، بالإضافة للافتقار إلى قوة مركزية في المنطقة؛ ويمكن إيضاح العوامل التفسيرية لاندلاع الحروب والصراعات، فيما يلي:
ضعف البنية الوطنية:
يسبب ضعف القوة المركزية للدولة، واحتكارها لاستخدام أسلوب العنف، إلى اندلاع الصراعات الداخلية، وإذا ما عجزت الدولة عن السيطرة داخليًا فهي غالبًا ما تكون مفتقدة لمقومات السيطرة على حدودها وحمايتها من الجماعات المسلحة التي قد تتسلل إليها، فضلا عن التدخلات العسكرية من دول الجوار، وهو ما يقود لمزيد من التدخلات الخارجية، ليتحول المشهد إلى أزمة دولية.
ويعتبر تعذر ممارسة الدول مهامها الدفاعية أهم مسببات إحياء المشاريع الانفصالية، والانقسامات الطائفية، وهو ما يبدو جليًا في تأثير الحرب الأهلية السورية على تأجيج الصراع بين تركيا والأكراد.
كما يعتبر نموذج العراق مثالا جليًا على تسبب ضعف الدولة في التدخلات الخارجية، والحروب الطائفية، ما قد ينتهي بتوحش فصيل عسكري كما حدث مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، أو تمزق الدولة واعتبارها مصدر نزاع إقليمي يشكل خطرًا على دول المنطقة خصوصا المجاورة، كما انتهى الحال باليمن وليبيا.
تغيير موازين القوى:
يعتمد هذا العامل التفسيري على نظرية انتقال القوة “power transition theory”وهي تركز على دراسة نظام القوة في النظام الدولي، وكيف تتقبل الدول وترفض مسألة توزيع القوة.
ففي حالة قبول نظام تقسيم القوة المهيمنة على الدول الأقوى، لا يكون هناك محاولة لتغيير الواقع؛ إلا أن التحول في ميزان القوى قد ينتج كيانات أو دول تعمل على محاولة صياغة شكل النظام الدولي، كما هو حال الفصائل السورية التي تسعى لفرض منطقها وقواعدها في المنطقة خشية التهميش.
ومما لا شك فيه؛ أن التقسيم قد يخدم مصالح بعض الدول ويضر بأخرى، إلا أن الدول غير المستفيدة من طبيعة النظام الإقليمي تجبر على البحث عن دعم خارجي، ما يعتبر أساسا لبذر صراع جديد في المنطقة.
هشاشة السيطرة على الحدود:
تعتبر هذه المعضلة امتدادا لازمة ضعف الدولة؛ إذ عجزها عن السيطرة يشمل إحكام القبضة الأمنية على حدودها.
وتتجلى هذه القضية في الدول التي حدودها خارجة عن سياق التقسيم الجغرافي المتوارث بين الجماعات الإثنية؛ ما يجعلها السبب الرئيس لمعظم النزاعات المندلعة بين دول الجوار، مثلما حدث في البلقان.
تدفق موجات اللاجئين:
تحولت أزمة اللاجئين لمعضلة حقيقية تؤرق كثير من الدول مثل الأردن ولبنان، وتركيا، وباكستان، ومؤخرًا بعض دول الاتحاد الأوروبي؛ إذ تتسبب في التغيير الديموجرافي للبلدان المضيفة، بالإضافة إلى انتقال مسببات الصراع الداخلي إلى تلك الدول، ورفع نسب الفقر والبطالة.. إلخ
ـ هندسة الأمن الإقليمي
يعرف “Barry Buzan” نظام الأمن الإقليمي بأنه: “مجموعة من الدول التي ترتبط فيما بينها من الناحية الأمنية إلى حد أن أمنها القومي يشكل وجهين لعملة واحدة، كما أن عناصر هذا النظام تندمج فيما بينها إلى درجة وجود ضمانات قوية أن الدول الأعضاء في هذا التجمع لن تحارب بعضها مطلقا بشكل مباشر، وستحل خلافتها بطرق أخرى”.
تتفق الأطراف الدولية الفاعلة على ضرورة إنشاء نظام مستقر في العلاقات الدولية يخص منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الجهود في هذا المجال يتم إعاقتها بسبب التنافر والاختلاف بشأن العديد من القضايا، وترتيب الأولويات، وطبيعة العلاقات الثنائية بين دول المنطقة وبعض القوى العظمى العالمية.
وقد أظهر الصراع السوري أن القوى العظمى مثل أمريكا وروسيا، تسعيان لإبقاء السيطرة على دول الشرق الأوسط، مع ترك مجال للتنسيق والتعاون في حالة اختلال ميزان القوى لصالح بعض الأطراف الإقليمية.
وتساهم القوى الإقليمية في حل النزاع الإقليمي أو تأجيجه، فعلى سبيل المثال تعتبر المملكة العربية السعودية هي الدول العربية الوحيدة المتصدرة المشهد العربي والمنافسة على القيادة الإقليمية مع إيران، وتركيا، وإسرائيل، ـ بحسب رأي المؤلف ـ.
ويلفت الكاتب في هذه الجزئية إلى هندسة الأمن الإقليمي للشرق الأوسط مؤخرا عبر تأجيج التوترات ضد كل من إيران وتركيا، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات العربية نوعا من الدفئ مع (إسرائيل).
ويرجع ذلك إلى أن التحركات السياسية الإقليمية أصبحت تتحرك بمنطق الحاجة لعدو مشترك، وليس تشابه المصالح الجوهرية، وهو ما يجعل مثل تلك التحركات غير مستقرة، كما يضعها رهن تغير وتطور الأحداث.
وتعتبر الأثار الأكثر وضوحا لإعادة هندسة الأمن الإقليمي في المنطقة؛ هي: انهيار الدولة المركزية وظهور فواعل عنيفة مثل الميليشيات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى وجود مجتمعات بلا دولة كما هو الحال في اليمن وليبيا والعراق.
وتنامت الممارسات الانفصالية للأقليات في الشرق الأوسط، كما حدث مع أكراد العراق وتركيا وسوريا، وهو ما سبب التدخلات العسكرية في الأراضي السورية وزاد من تفاقم الصراع المسلح في المنطقة.
*النزاعات المسلحة من تداعيات السلطوية وأزمة التحول الديمقراطي في الوطن العربي:
يشير المؤلف في هذه الجزئية إلى خيبة أمل الحراك الثوري في دول العربي في تحقيق التحول الديمقراطي، والتمتع بالحرية؛ إذ سرعان ما واجهوا تصاعد تيارات الإسلام السياسي الراديكالية، التي كانت بمثابة بديل عن الأنظمة السلطوية التي ثاروا ضدها.
ويلفت إلى أن مفهومي الأمن والتنمية في الوطن العربي والشرق الأوسط، متنافران تطبيقيًا، رغم ارتباطهما في الأنظمة التنموية العالمية؛ مرجعًا ذلك لأن السلطوية الأمنية في العالم العربي هي العامل المستقل، والتنمية لا يتم النظر إليها إلا كتابع.
ويؤكد أن شرعية الدولة ومدى قوتها، لا يعتمد على الصورة التي يرسمها النظام الحاكم عن نفسه فقط؛ بل ترتبط بمستوى معيشة المواطن، وواقعه؛ وهو ما يفسر قائمة ” الدول الفاشلة” التي تعد دوليًا لقياس تدهور أوضاع بعض الدول، ومدى تهديدها للأمن الإقليمي.
وفي هذه الجزئية يستعرض الكاتب، مظاهر السلطوية السيادية، وعنف قوات الأمن في التعامل مع المواطنين، وافتقارهم للثقافة بحقوق الإنسان، بالإضافة لانعدام الحريات، وضعف الاوضاع الاقتصادية.. وغيرها؛ معتبرًا أن تلك العوامل كانت من أهم الدوافع لاندلاع الربيع العربي.
وبالإضافة لما سبق؛ فإن انعدام الترابط الاجتماعي والفكري لكثير من شعوب المنطقة، وانفصال الأحزاب السياسية الحاكمة عن المجتمع زاد من حالة التشرذم، وبذر باكورة النزاعات التي تحولت لحروب أهلية في بعض البلاد مثل سوريا.
وبالرغم من تصاعد الدعوات للثورة على الأنظمة الملكية؛ إلا أنها كانت الأكثر استقرارًا وثباتًا في المنطقة، خصوصا المملكة العربية السعودية، التي عبرت مرحلة الربيع العربي دون اهتزاز عرش الحاكمية فيها.
ويرجع الكاتب استقرار النظام الملكي عمومًا، والسعودي خصوصا لعدة عوامل، نجملها فيما يلي:
ـ تميز بناء الدولة السعودية بالتحالف بين السياسة والأيديولوجيا، ما جعل مصالح وأهداف الطرفين تضافرا دون تنافر بعكس بعض دول المنطقة من الجمهوريات.
ـ استمرار العديد من الثوابت في سياسة المملكة خارجيًا وخارجيًا.
ـ تحول السعودية إلى فاعل سياسي واقتصادي في المنطقة، ومتنافسًا على النفوذ الإقليمي، امام التوسع الإيراني.
ـ وقد أثبت الاقتصاد الخليجي السعودي والإماراتي، قوته وقدرته على الصمود، خصوصًا مع انخفاض سعر البترول.
ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، سعت لدعم النظام الملكي السعودي باعتباره الأكثر استقرارًا في المنطقة، ما يجعلها حليف قوي لواشنطن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشرح الكاتب تفصيليًا أسباب فشل الدولة اليمنية، ومسار تحولها إلى ساحة للحروب الإثنية، والحرب بالوكالة، كما استعرض سلطوية نظام الملالي في إيران، موضحًا دوره التوسعي المهدد للأمن الإقليمي في المنطقة.
* الفواعل الإقليمية والدولية وتغيير دينامكية النزاعات المسلحة
يشير المؤلف في الفصل الثالث من الكتاب إلى أنه بالرغم من حرص المجتمع الدولي على تجنب النزاعات الدولية، بعد الحرب الباردة؛ إلا أنه حتى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام لم تعد قادرة على الحد من الحروب الأهلية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد أحداث 2011م.
ويُرجع ديمومة النزاع المسلح في المنطقة، إلى ثلاث مشكلات رئيسة؛ هي:
ـ ترسيم الحدود: فكثير من النزاعات الإثنية والطائفية في بعض دول المنطقة لا تنتهي إلا بحصول أحد طرفيها على كل شيئ تقريبًا؛ لاستحالة إقامة حكومتين على أرض واحدة، وهو ما يحدث في العراق، وسوريا، واليمن.
ـ الالتزام المؤقت بالتسويات السياسية: فسرعان ما ينقض أحد طرفي الصراع اتفاقه، فضلًا عن إسهام بعض القوى الكبرى في عدم استمرار حالة التسوية عبر دعمها لأحد الأطراف بما يحقق مصالحها في المنطقة.
ــ محدودية نطاق الاتفاقات: وهو ما أدى لتدويل الصراع نظرًا لاستفادة بعض القوى الإقليمية من استمراره، وتعزيزه عبر التدخل العسكري، من الفواعل الإقليمية والدولية المؤثرة في المنطقة.
•الفواعل الدولية:
يعتبر الفاعلين الدوليين الاكثر بروزًا وتأثيرًا في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ هما الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية روسيا الاتحادية.
ـ الدور الأمريكي:
تسعى واشنطن إلى إبقاء انغراسها في الشرق الأوسط، منذ بداية الحرب الباردة، لضمان التدفق الحر للموارد الطبيعية من المنطقة لاسيما النفط؛ والحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع حلفائها الرئيسيين، وحمايتهم من التهديدات الخارجية وفي مقدمتهم (إسرائيل).
وتأرجحت السياسة الأمريكية بين استخدام القوى الصلبة في حروب الخليج الأولى والثانية، والغزو الأمريكي، وبين التراجع المؤقت عن الوجود العسكري في المنطقة عند تهديد مصالح واشنطن بالانتفاضات العربية، والحروب التي تلتها، وما ترتب عليها من تصاعد الكيانات الهجينة ذات السلطة السيادية على الأقاليم والثروات.
ويبرز التدخل العسكري للولايات المتحدة في المنطقة، عبر توجيه أهدافها العسكرية بطريقة عقلانية توظف فيها القوة الصلبة بالإبقاء على قواعد عسكرية وفرق عملياتيها تتحكم في أوصال المنطقة ومحاورها الجيوسياسية.
كما تتدخل دبلوماسيًا عبر دعم القوى الإقليمية المتحالفة معها سواء كانت دولًا، أو جماعات طائفية، أو إثنية ، وعبر التنسيق مع دول ما عرف بـ(محور الممانعة) المتشكل من روسيا، وتركيا، وإيران؛ كما حدث في الملف السوري.
ــ الدور الروسي:
تحاول موسكو الإبقاء على وجودها التاريخي في منطقة الهلال الخصيب،1772م، وما أعقبه من الظهور في المنطقة أعقاب الحرب العالمية الثانية، عبر مساعيها لاحتلال أي موقع جيوسياسي في خريطة الشرق الأوسط؛ منذ بداية الحرب الباردة، ووصولًا إلى التدخل بدعم نظار الرئيس السوري بشار الأسد في 2015م.
وترجع المساعي الروسية للتدخل في أزمات المنطقة، إلى استراتيجيتها الكبرى للمنافسة على مناطق النفوذ والأسواق الاقتصادية الجديدة، وتخوفاتها من التهميش الأمريكي والأوروبي لها، جراء سياستها في البلقان، وأوكرانيا، والقرم، وسوريا، ما يدفعها للبحث عن تحالفات وشراكات جديدة.
وسعت الإدارة الروسية لفتح ثغرة جيوسياسية في المنطقة، وثبتت نفسها كشريكٍ استراتيجيٍ فيها، عبر الإبقاء على نظام الأسد، والسيطرة على قاعدة طرطوس في المنطقة العلوية بسوريا.
ودبلوماسيًا؛ عرفت العلاقات بين روسيا وتركيا وإيران، تحولًا لافتًا وتقاربًا نفعيا فرضه منطق المصالح المشتركة، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المنطقة، ما اعطى زخما جديدا لتحالف محور (الترويكا)، وهو ما يفسر بشكل مباشر وبدرجة كبيرة التباعد والتنافر الموجود بين واشنطن وتركيافي عهد أوباما، وبين واشنطن وإيران في عهد ترامب.
وتتبع روسيا سياسة التطويق الاقتصادي والدبلوماسية الناعمة مع كل من إيران، وتركيا، ومصر، لتأكيد التقارب فيما بينهم، كما تمكنت من دعم العلاقات الاقتصادية مع كل من قطر وعمان، والكويت، والإمارات، محاولة منها لزحزحة هيمنة المملكة العربية السعودية وشق الصف الخليجي.
وتحرص على تقديم نفسها كشريك جدي موثوق فيه لكل حلفائها، محاولة الارتباط بعلاقات نفعية مع دول المنطقة، في الوقت الذي تعمل فيع على شيطنة واشنطن، باعتبارها المهندس والمشرف المنفذ لاستراتيجية التخريب وتغيير معالم المنطقة.
ونجحت الاستراتيجية الروسية، في انتزاع صلاحيات متعلقة بإدارة الأزمة السورية، بالإشراف المباشر
بين الأطراف المتصارعة، وترتيب الوضع النهائي (اتفاقات أستانة) وتوجيه الأحداث بما يخدم مصالحها سواء مع بقاء نظام الأسد أو زواله.
ورغم ما سبق؛ إلا أن الإدارة الروسية تواجه بعض العراقيل الحائلة دون تحقيق طموحاتها في المنطقة؛ إذ لاتزال قوى الغرب تعتبرها مجرد لاعب إقليمي لا يرقى لمستوى القوى الكبرى، كما أن إعادة تركيز التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط يُعد شوكة حلق موسكو.
•الفواعل الإقليمية:
يشير الكاتب في هذه الجزئية إلى أن المملكة العربية السعودية، الجمهورية الإيرانية، يتنازعان السيطرة، والنفوذ الإقليمي في الشرق الأوسط، مستعرضًا دوريهما في بعض أزمات المنطقة.
ـــ المملكة العربية السعودية:
تعتبر المملكة قوة إقليمية قائمة ومتفاعلة مع محيطها الطبيعي، تدافع عن حدوده ومقدراته منذ نهاية حربي الخليج الأولى والثانية، ومن بعدهما سقوط العراق.
ونجحت الدبلوماسية السعودية في توثيق العلاقات وتوسيع مجالات التعاون مع بعض دول المنطقة، وعلى رأسهم جمهورية مصر العربية؛ خصوصًا بعد أحداث ثورة 25 يناير.
ــ إيران:
يرى الكاتب أن الدور الإيراني في المنطقة، لا يخرج عن إطار الوظيفية لبعض القوى العظمى، خصوصًا واشنطن، معتبرًا أن الأخيرة أدركت ضعف دور طهران في تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة، ما دفعها لرفع يد التحالف معها، وفرض العقوبات الاقتصادية عليها، فضلا عن وقف الاتفاق النووي وعرقلة مساعيها التوسعية.
ــ تركيا:
تطرق الكاتب للدور التركي في الشرق الأوسط، بدءًا باستغلال الأزمة السورية لطمس مشكلة الأكراد، ومرورًا بدعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، وخلق الثغرات لمحاولة إعادة تمكينهم سياسيًا وأيديولوجيا، ووصولًا لتحالفاتها مع كل من روسيا وإيران.
*دور الحروب غير النظامية والجماعات المسلحة في تغيير السياسات وموازين القوى:
ابتدر المؤلف هذا الفصل بالحديث عن الحروب غير المتكافئة، موضحا أنها يترادف مع مصطلحات أخرى في مقدمتها “الجيل الرابع أو الخامس للحروب” و”النزاع منخفض الشدة”.
وببن أن حروب الجيل الرابع هي حروب تختلف عن ميادين القتال التقليدية، وتتشكل فضاءتها وميادينها من الإصرارا الشامل على ضرب العمق المجتمعي والبناء الداخلي والمؤسساتي للدول والشعوب.
ويلفت إلى أن مصطلح الجيل الرابع حقيقته إسرائيلي ـ أمريكي صرف، تم إطلاقه عندما وجدت وزارة الدفاع الامريكية، بعد أحداث 11 سبتمبر أن الولايات المتحدة لا تحارب دولة محددة، وأنها يتم تنفيذها دون الحاجة للتدخل العسكري المباشر، ودون الحاجة لبذل قطرة دم واحدة لجنود الامريكان، فهدفها ليس تحطيم الدولة المستهدفة وانما التحطيم والتآكل ببطئ لإرغام العدو لتنفيذ ارادتك، وبث الفوضى فيها لأقصى درجة ممكنه، إلى أن يتم الانهيار التام ببطئ.
ويوضح أن هناك من يعتبر أنها شكل من أشكال حرب العصابات، فطرفا الحرب فيها هما جيش نظامي لدولة ما مقابل لا دولة أو عدو وخلايا خفية منتشرة في أنحاء العالم، ويهدف لإرباك الدول داخليا، وخلق اضطرابات متواصلة بها لدفعها نحو الدولة الفاشلة، التي يسهل السيطرة عليها من أي جهة داخلية تخدم مصالح الجهة المحركة لها خارجيا وتحقق أهدافها، أو تتم السيطرة عليها عبر الاطراف الخارجية بشكل مباشر.
وأحد أهداف حروب الجيل الرابع مؤخرا يتمثل في نزع الشرعية عن انظمة الحكم، من خلال: تحريك جماعات وتنظيمات مدربة ضد الانظمة القائمة، التي تواجهها بقوات ومؤسسات امنية قد ترتكب خروقات تتنافى مع المواثيق والاعراف الدولية الخاصة بالحريات العامة وحقوق الانسان، توثيق ذلك ونشره على نطاق واسع من خلال وسائل إعلام متعاونة لهذا الغرض؛ تكريس مرحلة الضغوط الدولية عبر الدول الكبرى والمؤسات الدولية لمنظمات المجتمع المدني؛ العمل بكل الطرق لمواصلة الضغوط الدولية لقلب الحقائق وتزييفها وفبركة الصور، وتوظيف الانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي لهذه الصور من اجل الإدانة الشعبية والدولية لأي نظام لإخضاعه سياسيا لأهداف خارجية يتم تنفيذها بأيدي داخلية.
وقد لعبت هذه الحروب دورا في اندلاع الثورات والانتفاضات الاجتماعية في الوطن العربي وهي تحولات فتحت الباب للخلافات والحروب الاهلية التي استنزفت الأنظمة الوطنية القائمة، وصنف البعض منها بالفشل وعدم القدرة على ادارة الاقاليم، وتآكلت شرعيتها، بعدما شاب كل مؤسساتها وهياكلها مظاهر التوحش والاستبداد.
ويُعد تنظيم “داعش” نموذجا للحروب غير المتماثلة التي سيطرت على أراض شاسعة وفرضت هيمنها على خيرات ومقدرات مجموعة من الدول المركزية في المنطقة العربية تحت غطاء حلم الخلافة والاستخلاف وتقسيم العالم لبلاد الاسلام مقابل بلاد الكفر.
وقد استغل التنظيم لتثبيت اركانه في المنطقة حالة الفوضى والتشتت والخلافات الطائفية والعرقية والدينية، والصراع السني الشيعي المحتدم منذ زمن، وتدخل ايران في المنطقة العربية عن طريق الحرب بالوكالة.
وحظي التنظيم في العراق بحاضنة شعبية سنية في مواجهة الميليشيات الشيعية التي تتقاسم المصالح السياسية ولعسكرية مع بغداد وتحمل مشروعا طائفيا يحض على الكراهية ويعكس التفرقة الطائفية.
وجعل المشهد الجيوسياسي المعقد من تنظيم داعش ظاهرة مركبة ومتشابكة، لانه استطاع ان يخط لنفسه نهجا ايديولوجيا جديدا بخلاف تنظيم القاعدة الذي كان يراهن على ضرب العدو البعيد ومواجهة الغرب الكافر في حين اختار داعش التمدد جغرافيا في الرقعة العربية وتأسيس دولة الخلافة الاسلامية بالفهوم العام مستعملا كل أدوات الفتك والوحشية ضد المسلمين أنفسهم، فرسخ لذلك متلازمة العنف/الإسلام في الذهنية الغربية، مع إلصاق الاسلام بالمسلمين دون غيرهم.
وقد استطاع هذا التنظيم، أن يحتكر بعض صلاحيات الدول رغم عدم الاعتراف الدولي به من خلال خمسة ملامح أساسية:
ـ السيطرة علىأراضي جغرافية شاسعة بحدود واقعية وليست قانونية، وممارسة ادوار واختصاصات الحكومات من إصدار جوازات سفر وجمع ضرائب وتنظيم قوات عسكرية، وتقديم خدمات عامة للمواطنين.
ـ انتشار الفروع التابعة له في اكثر من 50 بلد حول العالم، واعلانها الولاء لأبي بكر البغدادي.
ــ قيام التنظيم بالعمليات الارهابية المباشرة في كل من العراق وسوريا، او في الدول الخرى عبر فروعه، مثل تنظيم ابو سياف في الفلبين، وبوكو حرام في نيجيريا، والشبابا المجاهدين في الصومال، وانصار الشريعة في ليبيا، وسرايا القدس في سيناء، فضلا عن التنظيمات المولية في باكستان وافغانستان.
ـ القدرة على توفير مصادر دخل، من خلال تهريب النفط، والآثار، والاتجار في المخدرات، إذ أشارت بعض التقارير إلى بلوغ أرباح تلك الانشطة بلايين الدولارات.
ـ تبنيه لأيديولوجية متطرفة جاذبة، عبر استعمال وسائل الدعاية القوية، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد الالكتروني، فضلا عن تمويل الانشطة الإرهابية عبر ما يسمى بـ(العمولات الافتراضية).
ويعتبر الكاتب أنه بالرغم من القضاء على تواجد التنظيم في العراق وسوريا، إلا أن ذلك لا يعني انتهاء الصراع المسلح في المنطقة؛ إذ تصاعدت بعض النزاعات الأخرى العرقية والمذهبية كما هو الحال مع الشيعة والسنة في العراق وسوريا واليمن، فضلا عن أزمة الأكراد.
ويتوقع أن تتحول استراتيجيته مستقبلا لسياسة الضربات الخاطفة، وتنفيذ العمليات الإرهابية في الدول الأجنبية، ومحاولة تجنيد صفوف جديدة، فضلا عن احتمالية ظهور الجديد من التنظيمات من رحم داعش، أو اعادة احياء التنظيم ذاته من جديد، لاسيما وأنه انهزم عسكريًا لا أيديولوجيًا.
كما يرجح تبني التنظيم للخطاب الطائفي السني لحشد أعداد جديدة، وخلق حالة من التعاطف، والتأجيج ضد الانظمة الشيعية القائمة.
* جيوسياسية الصراع والتمايزات الهوياتية الدينية والطائفية
ويركز الكاتب في هذه الجزئية على استعراض دور المذهبية في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأنها تتمتع بأكبر تركز سني وشيعي.
ويعتبر أن تأجيج الصراع المذهبي كان لأهداف سياسية بحتة، لا سيما وأنه لم يستعر بشدة إلا بعد نجاح الثورة الإيرانية في 1979، وصعود نظام الملالي، وحكم ولاية الفقيه في طهران، الذي دخل في صراع مع العراق تنافسًا على السلطة والقيادة الإقليمية.
ويرجع الكاتب استغلال خطاب الطائفي لتحقيق المطامع السياسية والاقتصادية، نظرًا للحاجة إلى بعد أيديولوجي لجذب وحشد المزيد من الأنصار داخليًا وإقليميًا.
كما يشير إلى أن تنظيمي “حزب الله اللبناني الشيعي” و”القاعدة السني”، وجهان لعملة واحدة، تهدف للحشد وتأجيج الصراع المذهبي باستخدام العنف، لتحقيق مطامع ومطامح سياسية، مثلما كانت ممارسة العلويين ضد الأغلبية السنية في سوريا سببا في إشعال الحرب الأهلية.
وبعد اندلاع انتفاضات الربيع العربي 2011، سارع المرشد الاعلى الإيراني علي خامنئي، للتصريح بقوله: “إن احد الأهداف التي طال انتظارها تتحقق في الوقت الراهن”، مشيدًا بما اسماه بالصحوة الاسلامية للعالم العربي؛
إلا أنه بعد عامين من الانتفاضات لم تحقق طهران حلم تصدير الثورة، وتفريخ الانتفاضات لعهد جديد من سيطرة الإسلام الشيعي في المنطقة، لا سيما مع صعود الإسلاميين السنة في دول الربيع العربي، وهو ما أعاد الخلاف المذهبي للواجهة.
ويرجح الكاتب ان يحل الصراع الطائفي محل القضية الفلسطينية كعامل حشد مركزي للأزمات السياسية في الوطن العربي؛ ففي الوقت الذي أصبحت فيه المجتمعات العربية والإسلامية أكثر صراعًا وتجاذبًا بعد الانتفاضات العربية، فإن محاربة إسرائيل لم تعد لها أولوية قصوى، لاسيما وأن هناك أزمات محلية شغلت العالم العربي وأحدثت تغيرات جيوسياسية، عميقة الأبعاد ومتداخلة العناصر والدوافع المختلفة.
*مآلات التحولات الجيوسياسية
يعرض المؤلف في الفصل السادس من الكتاب مآلات التحول الجيوسياسي في المنطقة؛ معتبرًا أحداث الربيع العربي في 2011م، هي المتغير الزمني لتغيرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يوضح تأثيرات التغيرات السياسية في المنطقة، على العلاقات الدولية والعالمية؛ ملخصًا آثار تلك الاضطرابات، في عدة نتائج، يمكن إجمالها فيما يلي:
ـ تفتت الدولة الوطنية:
تسبب غياب الدولة المركزية، وتفتت الرابطة الوطنية في بعض الدول العربية، في تفشي الطائفية، والمذهبية، والهويات الوطنية الفرعية كالقبلية، والمناطقية، مثلما بدى في لبنان، واليمن.
ومع تزايد النزعات الطائفية، تلاشت الدوافع الوطنية الرابطة بين لبنات المجتمع، والتي كانت تعززها منظمات المجتمع المدني عبر بناء جسور التواصل بين الطبقات والطوائف المختلفة في الدولة الواحدة.
واستغل بعض الحكام تأجيج الطائفية للإبقاء على مناصبهم في السلطة، وهو ما عاد بالسلب، على مؤسسات الدولة السياسية وأحزابها التي تفشت فيها العنصرية، مثلما حدث مع الأكراد بالعراق، والعلويين بسوريا.
وتحول الصراع في كثير من المناطق إلى صراع ديني، أو مذهبي، أو عرقي، بل في بعض الحالات جمع المذهبية والعرقية كما هو الحال في محاولات التوسع الإيراني في المنطقة.
ـ انهيار المؤسسات الأمنية:
نظرًا للمارسات السلطوية الديكتاتورية لبعض الأنظمة الأمنية في دول المنطقة، كانت هي المستهدف الأول من حراك الربيع العربي، ما أدى لانهيار تلك المؤسسات.
ولجأت الفصائل السياسية المتنافسة في العديد من الدول للسيطرة على القطاع الأمني والقوات المسلحة، مثلما حدث مع شيعة العراق واليمن، والميليشيات المسلحة في ليبيا).
ونظرًا لسيطرة الفصائلية والطائفية على الأجنحة الأمنية والعسكرية لبعض الدول، أصبح تطبيق العقوبات القانونية على الخارجين على القانون محالًا، لا سيما في ظل تهديد القضاة واستقطابهم.
وربما كانت الأنظمة العربية الملكية، بمنأى عن اضطرابات المنطقة، بالمقارنة مع قريناتها الجمهورية؛ إذ وضعت النظم الحاكمة في الأولى منظومة للأهداف والسياسيات المحورية الأمنية منكنتها من احتواء تداعيات الربيع العربي.
ــ التهجير القسري:
تزايد الصراع العسكري في بعض الدول أدى إلى تزايد أعداد المهاجرين منها بشكل غير مسبوق، بشكل شرعي وغير شرعي، ماحال دون تسجيل كل اللاجئين والمهاجرين، وصعّب تقديم الدعم المادي، وتوفير الأوضاع الملائمة لهم.
وبالإضافة لتأثير موجات اللاجئين السياسية والاقتصادية على الدول المتوجهين إليها؛ إلا أن المعاناة الأساسية يتحملها اللاجئون أنفسهم، إذ يعايشون حالة من الفقر، وانعدام المساكن، وتوقف الحياة التعليمية للكثيرين من أطفالهم، وتعد الحالة السورية هي الأكثر بروزًا خلال الخمس سنوات الأخيرة.
ــ تدخل القوى الكبرى في شؤون المنطقة:
أدت العوامل السابقة لتدخل القوى الدولية في شؤون المنطقة، عبر استغلال أزماتها للتنافس على النفوذ الإقليمي في الشرق الأوسط ــ كما سبق إيضاحه ـ .
ونظرًا لما سبق؛ يعتبر المؤلف أن نزاع الشرق الأوسط هو الأكثر خطورة عالميًا، مرجحًا تحوله لحرب كبرى، مالم يتم احتوائه بحلٍ سلمي منبثق من رؤى سياسية واجتماعية، مصاغة من داخل المجتمعات لا من خارجها.
بين السطور
يناقش الكتاب قضية في غاية الأهمية، نظرًا لارتباطها بواقع ومستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه افتقر للأسلوب المنهجي في الطرح والتحليل للقضايا، ماحال دون وصول رسالته للقارئ بشكل واضح.
وقع الكاتب في فخ التكرار، بشكل مبالغ إذ وصل إلى حد تكرار بعض الأفكار في فصول الكتاب كلها، فضلا عن انفصال مضامين العناوين الفرعية لما اعتلته من أفكار وفقرات.
بالرغم من استشهاد الكاتب ببعض النظريات السياسية، والشخصيات الاجتماعية والفكرية، إلا أنه ساق ذلك دون إيضاح فحوى تلك النظريات وتربيطها بشكل واضح مع فكرة المؤلف المطروحة، ما جعلها عبئًا على النص والمضمون.
أسقط الكاتب (إسرائيل) كفاعل إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالرغم من تزايد دورها السياسي والدبلوماسي مؤخرًا، وتداخلها مع كثير من قضايا النزاع في المنطقة.
وبالرغم مما سبق ذكره؛ إلا أن ذلك لا ينقص من قيمة الطرح الذي نثره الكاتب بين صفحات سفره، ومن أهمية الالتفات إلى حاجة المنطقة للكتابات والدراسات المنهجية خصوصا فيما يتعلق بقضايا عربية، أو شرق أوسطية، وعدم الاكتفاء بالترجمة ومعالجة النصوص للتراث العلمي الأجنبي.
*نشر في مجلة كلية الملك خالد العسكرية؟