قضايا وتحليلات

إعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم…المبررات والتوقعات

د. محمد فتحي حصّان

    شهدت أسواق الذهب في مصر طلبا متزايدا على الذهب خلال الأشهر الماضية، حيث سجلت مشتريات المصريين من الذهب ما يعادل مليار دولار في الربع الأول من 2023، وقد ارتفع الإقبال لشراء السبائك على حساب المشغولات الذهبية، لاتجاه المواطنين لاستثمار أموالهم في السبائك للحفاظ على قيمة مدخراتهم، تخوفا من انخفاض سعر صرف الجنيه. 

   وقد قامت الحكومة ببعض الإجراءات لتحقيق الاستقرار في أسعار الذهب داخل الأسواق منها الإعلان عن إنشاء مدينة الذهب بالعاصمة الإدارية على مساحة 100 فدان للنهوض بصناعة الذهب والمجوهرات ، وكذلك بدء تلقي الاكتتاب في أول صندوق متخصص في الاستثمار في الذهب في مصر بعد حصوله على الموافقات اللازمة من الهيئة العامة للرقابة المالية، وتم الإعلان عن أسعار الذهب على موقع البورصة ، ثم أخيرا صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1801 لسنة 2023، بشأن اعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر.

  فما هي أهم بنود الإعفاءات الواردة بهذا القرار وما هي الاستثناءات؟، وما هي مبررات الحكومة لإصدار هذا القرار؟، وما هي وجهات النظر والتوقعات إزاء هذا القرار؟ .

أهم بنود الإعفاءات الواردة بالقرار والاستثناءات:

نص القرار المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 10 مايو 2023 ، في مادته الأولى، على أن تعفى بعض الواردات، الواردة للمنافذ الجمركية صحبة الركاب القادمين من خارج البلاد، من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر، وهي:

الذهب بأشكال نصف مشغولة آخر الخاضع للبند الجمركي رقم (7108.13)

الذهب المعد للتداول النقدي الخاضع للبند الجمركي رقم (7108.20)

الحلى والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة آخر، وإن كانت مكسوة أو ملبسة بقشرة من معادن ثمينة الخاضعة للبند الجمركي رقم (7113.19).

ولا يشمل الإعفاء أصناف اللؤلؤ الطبيعي أو المزروع أو الأحجار الكريمة أو شبه الكريمة المركبة أو المرصعة على الحلى والمجوهرات وأجزائها.

وقد أوضحت شعبة الذهب، أن ضريبة القيمة المضافة علي الذهب تطبق على قيمة المصنعية وليس قيمة الذهب بناءً على بروتوكول المحاسبة الضريبية الموقع بين الشعبة ومصلحة الضرائب وتقدر بـ 14% من قيمة المصنعية، كما يفترض تحصيلها من الوافدين بالمنافذ الجمركية دون غيرها من الرسوم الأخرى التي كانت مقررة سابقا ، وهى على النحو التالي :

قيمة ضريبة القيمة المضافة:

جرام عيار 24: ضريبة القيمة المضافة 9.24 جنيه.

جرام عيار 21: ضريبة القيمة المضافة 6.16 جنيه.

جرام عيار 18: القيمة المضافة 9.24 جنيه

مبررات الحكومة لإصدار القرار:

  أكد بيان الحكومة على أن هذا القرار يأتي لتحقيق الاستقرار في أسعار الذهب داخل الأسواق، والحد من محاولات التهريب الجمركي لأصناف الذهب نصف المشغولة والمشغولة عبر المنافذ الجمركية المختلفة.

وجهات النظر المختلفة إزاء صدور هذا القرار:

 أثنى الكثير من الخبراء على قرار الحكومة بإعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم وذلك للأسباب التالية:

القرار سوف يعيد الاستقرار في سوق الذهب في مصر، خاصة بعدما طرأ عليه في الفترة الأخيرة من ارتفاعات غير منطقية، ودون أسباب حقيقية في ظل ثبات سعر الذهب العالمي، فهذا القرار سيضع حدا للزيادات المستمرة في سوق الذهب.

القرار سيساهم في إنعاش حصيلة الضرائب وخلق إيرادات جديدة للخزانة العامة للدولة، من خلال فرض أو تحصيل القيمة المضافة على الواردات من الذهب القادمة مع العائدين أو القادمين من الخارج.

القرار سيساهم في حل أزمة قائمة وإعادة تحقيق التوازن بين العرض والطلب وضبط الأسعار، وتهدئة الطلب على السوق السوداء الناجم من زيادة طلب تجار المعدن الأصفر على الدولار لاستيراد ذهب، دون تحميل الدولة أي أعباء دولارية للاستيراد.

سيكون هناك مردود مباشر على عودة تحويلات المصريين بالخارج في شكل مشغولات أو خام الذهب.

على الجانب الآخر تحفظ بعض الخبراء على قرار الحكومة بإعفاء واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم وذلك للأسباب التالية:

أن قرار الحكومة بالرغم من أنه سيؤدى إلى زيادة المعروض من الذهب في السوق المحلية، وبالتبعية ستتراجع الأسعار خلال الفترة المقبلة، الا أن التراجع سيكون محدودا وبشكل مؤقت على أن يستعيد الذهب مستوياته القياسية مرة أخرى، فالأسباب التي أدت لارتفاع أسعار الذهب مازالت قائمة، حيث مازالت الحرب الروسية مستمرة والأسباب والأحوال الاقتصادية في كل دول العالم مازالت مستمرة.

أن السماح لجميع القادمين من الخارج بشراء ذهب من الخارج يتيح للمصريين المقيمين أن يسافروا ويشتروا الذهب بسعر أرخص ويعودون مجددا وهذا يضغط على العملة الأجنبية في مصر.

طالبت شعبة تصنيع الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات بعدم شراء مشغولات الذهب من الخارج لأن ذلك يهدد الصناعة المصرية لأنه يستقطع جزءا كبيرا من حصتها في السوق.

القرار سيؤدي الى زيادة الطلب على الذهب المستورد وبالتالي سيرفع الطلب على الدولار ما يعني ارتفاع سعره في السوق الموازي.

سيؤدي القرار الى تراجع حصيلة تدفقات النقد الأجنبي من المصريين العاملين بالخارج على البلاد.

 لن تستفيد البلاد من هذا القرار في تحسن ميزان المدفوعات أو وفرة العملة أو تعزيز الاحتياطي النقدي بل سيخلق طلبا متزايدا على العملة والسوق السوداء.

  وفي النهاية فانه رغم اختلاف الآراء حول جدوى وأهمية القرار ما بين مؤيد ومتحفظ، فانه يجب بسرعة  وضع التعليمات التنفيذية للقرار للرد على بعض التساؤلات الخاصة بمدى وجود حد أقصى لكميات الذهب الذي تخضع للإعفاء، وعدد المرات التي يمكن فيها للشخص الاستفادة من الإعفاء، وهل ينطبق على أي قادم إلى مصر سواء مصري أو أجنبي ، كما يجب إعادة النظر في السماح لكل القادمين من الخارج بشراء الذهب وقصره فقط على العاملين بالخارج حتى لا يؤدي ذلك الى الضغط على العملة الأجنبية في مصر نتيجة سفر بعض المقيمين للخارج من أجل شراء الذهب بسعر أرخص للاستفادة من القرار، والأهم من كل ذلك هو وضع خطط وإصلاحات اقتصادية لرفع مساهمة قطاع التعدين في اقتصاد مصر ، فمصر تمتلك 1% من مجمل احتياطات الذهب العالمية بواقع 1.658 مليون أوقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى