دراسات

 البعد البيئي لقانون الاستثمار المصري رقم 72 لسنة 2017

د. محمد فتحي حصّان

     تواجه مسيرة العمل البيئي في مصر تحديات كبيرة اقتضت مواجهتها إتباع العديد من الأساليب للوصول إلى التنمية المستدامة التي تحمي حقوق الأجيال القادمة، ومن تلك الأساليب ربط الاستثمار بحماية البيئة، وادراج البعد البيئي في قانون الاستثمار ، وبتتبع مواد قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 سنجد الكثير من الجوانب المتعلقة بالجانب البيئي، فقد تضمنت ديباجة القانون الإشارة إلى قانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، كما تضمنت المادة رقم (2) الفصل الثاني (أهداف الاستثمار ومبادئه) من قانون الاستثمار الإشارة الى أن الاستثمار في جمهورية مصر العربية يحكمه مجموعة من المبادئ منها حماية البيئة .

وبالإضافة إلى إلزام المشرع للمشروعات بضرورة استيفاء كافة الاشتراطات البيئة لممارسة الأنشطة المختلفة، فانه قد منح بعض الحوافز والمزايا لحماية وتحسين البيئة، وهو ما سنحاول استعراضه في النقاط التالية:  

منح حوافز لدعم المسئولية المجتمعية للمستثمر:

وفقا لأحكام قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية فان للمستثمر تخصيص نسبة من أرباحه للمشاركة في التنمية المجتمعية خارج مشروعه الاستثماري من خلال مشاركته بعض المجالات منها:

اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتحسين البيئة، أو تحسين الظروف البيئية في المجتمع ومعالجة المشاكل البيئية المختلفة، ومنها على سبيل المثال ما يلي: 

إيجاد آليات لإعادة تدوير المخلفات. 

استخدام محطات معالجة لإعادة استخدام المياه. 

استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة. 

التخلص من النفايات بطريقة آمنة. 

خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وأي مشروعات للتكيف مع آثار التغيرات المناخية. 

التدريب والبحث العلمي، بما يكفل تحديث التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج، وإعداد الدراسات الهادفة لتحسين البيئة وتجنب الأثر البيئي الضار. 

ويُعد ما ينفقه المستثمر من مبالغ في إحدى المجالات المنصوص عليها في الفقرة السابقة بما لا يجاوز (10%) من أرباحه السنوية الصافية من التكاليف والمصروفات واجبة الخصم وفقا لنص المادة (23) بند (8) من قانون الضريبة على الدخل.

إلزام الأنشطة والمجالات الخاضعة لأحكام قانون الاستثمار بالحفاظ على البيئة:

   يتضمن قانون الاستثمار (13) قطاعا استثماريا، وقد تضمنت بعض الأنشطة والمجالات الواردة ضمن هذه القطاعات إلزاما مباشرا للمستثمر بشروط المحافظة على البيئة ومنع التلوث وهي على النحو التالي:

قطاع النقل، ويشمل النقل الجماعي داخل ومن وإلى المدن والمجتمعات العمرانية، حيث اشترط على المشروعات العاملة في هذا المجال بعض الضوابط منها للتمتع بالحوافز الواردة بهذا القانون منها: أن تكون السيارات المستخدمة جديدة، ولم يسبق ترخيصها أو استعمالها، وأن يتم تسيير السيارات بالغاز الطبيعي، ولا يجوز استيراد سيارات تعمل بالديزل لهذا الغرض، والالتزام بشروط المحافظة على البيئة ومنع التلوث. 

قطاع السياحة، ويشمل ضمن ما يشمل إقامة وتشغيل وإدارة المراسي النيلية متكاملة الخدمات اللازمة لتشغيلها السياحي وتأمينها، بشرط الحفاظ على البيئة النهرية من التلوث ومن أخطار الحريق بالمواقع المحددة والمعتمدة من الجهات المختصة، وألا تقل الطاقة الاستيعابية لكل منها عن عدد (24) فندقا عائما، والسياحة البيئية، وذلك بإقامة وإدارة النزل البيئية، ومواقع مشاهدة الطيور والشعاب المرجانية وغيرها من النظم البيئية المتميزة.

منح الحوافز الخاصة لبعض المشروعات للمحافظة على البيئة ومنع التلوث:

منح قانون الاستثمار حافز خاصا بنسبة (50%) من التكاليف الاستثمارية تخصم من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة للمشروعات الاستثمارية التي تقام في النطاق الجغرافي للقطاع (أ) والذي يشمل المناطق الأكثر احتياجا للتنمية، وبنسبة (30%) من التكاليف الاستثمارية تخصم من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة للمشروعات الاستثمارية التي تقام في النطاق الجغرافي للقطاع (ب) ويشمل باقي أنحاء الجمهورية، ومن تلك المشروعات:

المشروعات التي تعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة أو تنتجها. 

تدوير المخلفات الزراعية. 

تصنيع خلايا الطاقة الشمسية ومكونات المحطات .

تصنيع مدخلات مشروعات انتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقات الوقود الأخضر .

تصنيع المحلل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

تصنيع مكونات محطات طاقة الرياح ومستلزماتها.

تصنيع سيارات الركوب والاتوبيسات الكهربائية والتي تعمل بالغاز الطبيعي.

السياحة البيئية فيما يخص المقاصد السياحية ذات الطابع البيئي مثل النزل البيئية ومواقع مشاهدة الطيور وادماج التنوع البيولوجي في القطاع السياحي.

مشروعات خفض الانبعاثات .

تصنيع المنتجات البتروكيماوية الخضراء .

تصنيع البدائل الامنة الصديقة للبيئة للمنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام .

منح الرخصة الذهبية للمشروعات للمحافظة على البيئة ومنع التلوث:

    الرخصة الذهبية هي موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته بما في ذلك تراخيص البناء، وتخصيص العقارات اللازمة له، يجوز منحها للشركات بقرار من مجلس الوزراء كما يجوز أن تتضمن هذه الموافقة سريان أحد الحوافز الواردة بهذا القانون على المشروع أو أكثر وتكون هذه الموافقة نافذة بذاتها دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر. ويشترط فيمن يتقدم للحصول على الموافقة الواحدة المنصوص عليها بالمادة (20) من قانون الاستثمار أن تتوافر فيه بعض الشروط منها أن يلتزم بمعالجة المخلفات. 

وقد تضمنت المجالات والأنشطة التي تمنح الموافقة الواحدة (الرخصة الذهبية) الكثير من المشروعات التي تهدف للمحافظة على البيئة ومنع التلوث منها:

 قطاع الصناعة: الصناعات المغذية لمشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، صناعة السيارات والصناعات المغذية لها بما في ذلـك السيارات الكهربائية ومشروعات محطات شحن المركبات الكهربائية والسيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي وأسطوانات الغاز.

قطاع السياحة: المشروعات السياحية صديقة البيئة وفقًا للمعايير المعمول بها بوزارة السياحة والآثار.

قطاع البيئة: صناعة البدائل الآمنة الصديقة للبيئة للمنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام وأنشطة الإدارة المتكاملة للمخلفات.

قطاع الإنتاج الحربي: محطات تحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة كهربائية.

    وفي النهاية فإنه يجب التأكيد أن حماية وتحسين البيئة لم يعد رفاهية أو ترفا ، بل أصبح ضرورة ملحة تتوقف عليها الحياة، ومن ثم فانه يتحتم على الحكومة الاستمرار في دعم الاستثمارات الخضراء وتحفيز الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، الذي يأخذ بعين الاعتبار العوامل البيئية والمنافع الاجتماعية ويراعي سلامة البيئة والمحافظة عليها.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى