
السيد الربوة : الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي.. أحلام أمريكا وإسرائيل في مهب الريح
العالم الاقتصادي يعج مؤخرا بالإعلان المثير عن خط التجارة الجديد الذي يصل إلى أوروبا. وباعتباره سوف يكون لاعبا رئيسيا في التجارة الدولية، فإن هذا التطور له آثار عميقة على أميركا ومختلف شركائها التجاريين في جميع أنحاء أوروبا. بالقطع قد يكون ظاهرياً ايجابي . مع وجود الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي لإنطلاق خط التجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا كمفترق محوري يعزز التجارة الدولية ولكن قد تجد نفسك تتساءل: “هل وقعت أمريكا مع جميع الدول المشاركة، وهل التزم أحد ماليا، أم أنه مجرد إعلان عن مشروع؟ خاصة مع تقدير تكلفة تطوير البنية التحتية اللازمة لخط التجارة الجديد بحوالي 200 مليار دولار، مع أحتمالية تدمير البيئة الطبيعية في المنطقة، أما بالنسبة للمدة، فيمكن أن تتراوح من بضع سنوات إلى عقد من الزمان، مع الأخذ في الاعتبار العديد من العوامل المعنية، مثل التفاوض على الاتفاقيات التجارية، وإقامة تحالفات استراتيجية .
الدول المشاركة في خط التجارة :
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن انطلاق خط التجارة الجديد من إسرائيل إلى الهند وأوروبا. وقال بايدن، إن هذا الخط التجاري الجديد سيعزز التعاون الاقتصادي بين الدول المشاركة، ويخلق فرص عمل جديدة، ويساعد في خفض التكاليف وتحسين الأمن الغذائي. تقدر التكلفة الإجمالية للبنية التحتية لمشروع خط التجارة الجديد بحوالي 200 مليار دولار. ويشمل المشروع بناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات ومرافق المواني. كما يتطلب المشروع استثمارات كبيرة في مجال الطاقة، حيث إن النقل عبر هذه المنطقة سيتطلب كمية كبيرة من الوقود. ويهدف خط التجارة الجديد إلى تقصير المسافة بين الهند وأوروبا. ويبدأ من الأرض المحتلة فلسطين من قبل إسرائيل وتشارك الأردن والسعودية والهند وبالقطع أمريكا ،هو مشروع طموح يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه الدول. ومع ذلك، هناك بعض العيوب الكبيرة التي قد تؤثر على نجاح هذا المشروع وتعرقل ظهوره .
جهود التعاون بين بعض الدول المشاركة لا يستطيع أحد أن ينكرها علي سبيل المثال، كانت هناك تطورات حديثة، مثل قرار الأردن باستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، مما يمثل خطوة مهمة إلى الأمام. وبالمثل، شهدت إسرائيل والمملكة العربية السعودية، على الرغم من افتقارهما إلى العلاقات الدبلوماسية الرسمية، زيادة في التجارة السرية، مما يشير إلى إمكانية إقامة علاقات تجارية رسمية في المساق وعلي الرغم من ذلك . فإن العوائق الرئيسية أمام علاقات إسرائيل التجارية مع كل من الأردن والمملكة العربية السعودية هي حواجز سياسية.
وقد أثر تاريخ الصراع وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط على العلاقات التجارية بين هذه البلدان. ولا تزل التوترات تجعل من الصعب إجراء حوار وتفاوض مفتوحين. وقضية أخرى مهمة هي عامل التكلفة. ولا يترتب على استيراد السلع والموارد من عبر الحدود تكاليف النقل فحسب، بل أيضا التعريفات التي يفرضها البلد المتلقي. بالإضافة إلى ذلك ، هناك حصص صارمة على استيراد سلع معينة ، مما يحد من ربحية التداول . والفترات الزمنية الطويلة يمكن أن تكون البيروقراطية المحيطة بالتجارة الدولية حجر عثرة. تضيف الإجراءات الجمركية وعمليات التوثيق التي تستغرق وقتا طويلا تأخيرات كبيرة في تسليم البضائع، وهناك أمثلة عديدة علي إمكانية تعرقل مشروح أحلام إسرائيل .
نسب مشاركة الدول :
- لقد وقعت أمريكا بالفعل اتفاقيات مع جميع الدول التي من المقرر أن تشارك في الخط التجاري الجديد. يرمز هذا التعاون إلى التزام قوي بتحسين وتوطيد العلاقات التجارية بين أمريكا وأوروبا. ومن خلال صياغة هذه الاتفاقيات، تضع القارتان الأساس لتبادل أكثر قوة عبر الأطلسي. وقد تقدمت جميع البلدان المشاركة لدعم هذه المبادرة الطموحة. لم يوافقوا فقط على المشاركة وتسهيل تنفيذ الخط التجاري ، ولكن البعض استثمر أيضا ماليا. ومع ذلك، وبما أن الاتفاقات سرية، فإن تفاصيل هذه المساهمات المالية لا تزال غير معلنة. ومن المتوقع أن تساهم كل دولة بمبلغ يتناسب مع حجم اقتصادها ومصالحها الاقتصادية.كما أنه من المحتمل أن تساهم الهند بأكبر نسبة، حيث أن لديها اقتصادًا كبيرًا ومصالح اقتصادية كبيرة في المنطقة. كما من المتوقع أن تساهم الولايات المتحدة بمبلغ كبير، حيث إن لديها مصالح أمنية واقتصادية في المنطقة.
العيوب التي قد تعرقل تنفيذ مشروع :
- التكلفة العالية: تقدر تكلفة تطوير البنية التحتية اللازمة لخط التجارة الجديد بحوالي 200 مليار دولار. هذه تكلفة عالية جدًا، وقد يصعب على الدول المشاركة في المشروع تحملها.
- عدم الاستقرار السياسي: شهدت منطقة الشرق الأوسط تاريخًا من الصراعات، بما في ذلك الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة. هذا يمكن أن يعرقل تنفيذ المشروع، ويزيد من تكلفة التأمين على الشحنات.
- البيئة: سيؤدي زيادة حركة التجارة عبر هذه المنطقة إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة. كما أن تطوير البنية التحتية اللازمة للمشروع قد يؤدي إلى تدمير البيئة الطبيعية في المنطقة.
- بالإضافة إلى هذه العيوب، هناك بعض التحديات الأخرى التي قد تواجه خط التجارة الجديد. على سبيل المثال، قد يكون من الصعب تنسيق الجهود بين الدول المشاركة في المشروع. كما أن هناك احتمالا أن تؤدي المصالح الاقتصادية المختلفة لهذه الدول إلى تعارضات.
- من المحتمل أن تتحرك الصين وروسيا لعرقلة خط التجارة المزاعم إنشاؤه من إسرائيل مروراً بالأردن والسعودية إلى الهند ومن بعدها إلى أوروبا.
- تنظر الصين وروسيا إلى هذا الخط التجاري باعتباره تهديد لمصالحهما الاقتصادية والسياسية في المنطقة. فروسيا لديها مصالح اقتصادية كبيرة في المنطقة، بما في ذلك استثمارات في قطاع الطاقة. كما تتمتع روسيا بعلاقات قوية مع سوريا، والتي من شأنها أن تستفيد من خط التجارة الجديد.
- أما الصين، فإنها تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط. ويرى بعض المراقبين أن خط التجارة الجديد يمكن أن يعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة، مما يمثل تهديدًا لمصالح الصين.
طرق عدة يمكن من خلالها للصين وروسيا عرقلة خط التجارة الجديد من بينها:
- التنافس الاقتصادي: يمكن للصين وروسيا الاستثمار في مشروعات تجارية بديلة في المنطقة، مما سيقلل من الحاجة إلى خط التجارة الجديد.
- الضغوط السياسية: يمكن للصين وروسيا ممارسة ضغوط سياسية على الدول المشاركة في المشروع، مما قد يؤدي إلى تأجيله أو إلغائه.
ولاشك أنه يعد الإعلان عن خط التجارة الجديد الذي يصل إلى أوروبا تطورا بالغ الأهمية في التجارة الدولية. وسوف ننتظر ونراقب هذه الشراكة وهل سوف يتم تنفيذها أم أن هناك احداث أخري سوف تغير كل هذة التحالفات .