مقالات

ما علاقة اللحوم المجمدة بالأمراض المزمنة؟

السيد الربوة

منذ سنوات عديدة  وأنا أتمني أن يكون لدي مصر مراكز وجمعيات مجتمع مدني تتخصص فى عمل أبحاث حول الأغذية التى يتناولها الشعب المصري ، وأبحاث أخري طبية ترصد كل الأمراض المزمنة وغيرها ، خاصة أن الحمل ثقيل على الحكومة  ولا تستطيع  أن تخصص ميزانيات لعمل أبحاث ودراسات بشكل مستمر وما تقدمه من أبحاث ودراسات تحتاج إلى المزيد ، نظراً لعدم وجود دراسات مستمرة عن عدد المصابين بالامراض المختلفة.

وتشير تلك الأبحاث أو الدراسات إلى العلاقة الحميمية بين الغذاء الغير سليم وبالأخص اللحوم والدواجن المجمدة، وأسبابها فى ارتفاع أمراض مزمنة مثل القلب أو السكر او الضغط اوغيرها،  فلا تستطيع مثلاً أن تحصر عدد مرض القلب أو السكر أو القولون وغيرها ، وما نستطيع الحصول عليه من إحصائيات يكون نتيجة مجهود فى الغالب منفرد من قبل جمعية من جمعيات الأطباء ، أو من قبل منظمة الصحة العالمية ، وغالباً ما تكون الأرقام ليست دقيقة ، فمثلاً منظمة الصحة العالمية عام2015 قدرت مرضي السكر فى مصر ب7.8 مليون مريض .

إحصاءات بارقام مختلفة

فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية فى بيان لها عام 2021 ، ان الكلفة العالمية لداء السكري تقدر  بأكثر من تريليون دولار أمريكي سنويًا، ووفقًا لمسح أجرته المنظمة مؤخرًا، فإن خدمات السكري في 62 % من الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 194 دولة قد تعطّلت جزئياً أو كلياً خلال جائحة كورونا .

ووفقاً للبيانات المنشورة على موقع منظمة الصحة العالمية، فان الإحصاءات الوطنية المصرية الصادرة فبراير عام 2015 تذكر أن حوالي 17% من جميع البالغين المصريين مصابون بداء السكري، و 10% لديهم مقدمات داء السكري، وما يزيد على 60% من المرضى لا يتلقون أي علاج بسبب نقص الوعي أو عدم توافر الفحوص المنتظمة، وهذا يمثل عبئًا هائلا على نظام الرعاية الصحية في مصر، ويؤثر على جودة حياة الناس في البلد.

بينما أكد المؤتمر الوطني الثالث عشر لمرض السكر «DIAEGYPT 2021»  والذي عقد في القاهرة أكتوبر 2021، تحت شعار «سد الفجوة بين المعرفة والممارسة في إدارة مرض السكري»، برئاسة الدكتور صلاح شلبايه أستاذ الباطنة والسكر،  والذي أشار إلي أن هناك مابين ٩ إلى ١٠ مليون مصاب بالسكر في مصر، ومعظمهم يكون من النوع الثاني في حين ١٠٪ من المرضى منهم من النوع الأول الذي يجب أخذ لازم أنسولين.

وبالرغم من أنه أُعلن في مؤتمر صحفي في القاهرة أيضاً فى فبراير  عن وضع حجر الأساس لبرنامج وطني معني باستخدام الهواتف النقالة لزيادة حصول الناس على المعلومات المتعلقة بمعالجة داء السكري، والبرنامج الجديد  الذي إعلن عنه فيما سبق في مصر هو جزء من مجموعة أكبر من البرامج المعنية بالأمراض المزمنة غير السارية.

ويعمل بشراكة فريدة من نوعها بين وزارة الصحة والسكان، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة والتعليم العالي والبحث العلمي، ومنظمة الصحة العالمية، والاتحاد الدولي للاتصالات وفقاص لما ذكر ، عبر الرسائل القصيرة نصائح حول نمط الحياة والخطوات البسيطة التي يمكنك اتخاذها لمعالجة داء السكري. وفي المرحلة الأولى سيتلقى 10 آلاف مريض بالسكر الدعم عبر الرسائل القصيرة من البرنامج. وفي المرحلة الثانية، التي ستبدأ لاحقًا في عام 2016، سيتوسع البرنامج ليشمل عددًا أكبر من مرضى السكري في جميع أنحاء البلاد. ومن المقرر في مرحلة لاحقة تقديم الرسائل المتعلقة بالوقاية من داء السكري للسكان عامة،  ونحن الأن فى عام 2022 الا أن ذلك لم يتحقق !

ومفارقات البيانات فى مرض السكر بمصر واضحة لا يوجد إحصاء دقيق لكل مرض السكر، ولا يوجد قاعدة بيانات تشمل مرضي السكر الذين يترددون علي العيادات الخاصة لمرضي السكر وهم بالملايين،ولا المستشفيات الخاصة التي يزورها أيضاً ملايين، بينما بيانات وزراة الصحة تقتصر معظمها علي مرضي السكر المترددين على المعاهد والمستشفيات الحكومية التي تصرف لهم العلاج الدوري، كما لا يوجد تنسيق كامل بين وزراة الصحة وشركات الأدوية المحلية والمستوردة التى تبيع كل أدوية السكر المختلفة والتي من خلالها من الممكن عمل مقياس مبدئي لعدد مرضي السكر فى مصر .

اللحوم والدواجن المجمدة .

لقد زادت نسبة الأعتماد على اللحوم المجمدة فى مصر خلال العشر سنوات الماضية  بشكل عام ، وبشكل خاص خلال السنوات الماضية   مما نتج عن ذلك زيادة فى عدد المصابين بالامراض المزمنة وغيرها ، وبالرغم من الدراسات العديدة حول العالم والتى تحذر دائماً من كثرة إستخدام اللحوم المجمدة لما لها من أضرار شديدة ، الا أن اللحوم المجمدة فى مصر تشكل عنصرا مهم فى قائمة الطعام بالنسبة لعدد كبير من المصريين ، حيث تعد لحوم الدجاج أو الماشية من البروتين الحيواني التى تساهم بشكل كبير فى سد الفجوة الغذائية ورفع بعض المعانأة عن كاهل المواطنيين نظراً لأرتفاع سعر اللحوم والدواجن المحلية ، والتى لا يقدر عليها شرائها  نسبة ليست بقليلة من شرائح المجتمع ،  فيكفي أن تعلم أن كمية اللحوم المجمدة التى يتم إستيرادها  لمصر سنويا قدرت بالنسبة للدواجن المجمدة وصلت تعاقداتها إلى 11 ألف طن، واللحوم الحية 26 ألف طن، واللحوم المجمدة 3.8 ألف طن م ،وأنه يتم استيراداللحوم المجمدة من البرازيل والهند وحوالى 10% من دول أخري ،  بخلاف الكميات التى تقوم وزارة الزراعة التابعة للحكومة المصرية باستيرادها وببيعها فى منافذ مخصصة للمواطنيين .

ووفقاً لتقرير وكالة ” رويترز” عام 2021  فان مصر احتلت المركز الثانى بعد هونج كونج، كأكبر دولة مستوردة للحوم من البرازيل، أكبر مصدر للحوم فى العالم، وحصلت منها على حوالى %23 من احتياجاتها المحلية، تستورد مصر نحو 135 ألف طن كبدة مجمدة و600 ألف طن لحوم مجمدة ومبردة،

وبالرغم من الجهود لجهات متعددة تابعة للحكومة من أجل ضمان سلامة وجودة تلك اللحوم والحفاظ على وصولها سليمة إلى اّيادي المواطنيين الا أن كثرة وتنوع منافذ البيع فى أماكن عديدة ومتجولة ، تجعل من عميلة الكنترول على سلامة اللحوم أمر صعب ،  إلي جانب أن اللحوم المجمدة تتعرض لعملية فك التبريد ربما أكثر من مرة ، وهو ما يجعلها عرضة بألتاكيد لحمل البكتريا بسهولة ، إضافة إلى تجاوز بعض الاماكن التى تصدر اللحوم فى بلد المنشأ ، والتى تقدم في بعض الحالات لحوم فاسدة ، ومنها على سبيل المثال نتذكر عام 2016 وما تناقلته وسائل الإعلام العالمية عن مداهمة الشرطة البرازيلية لحوالي 195 موقعاً تابعةلشركات ومصانع للحوم،وتم إيقاف مفتشين عن العمل؛لاتهامهم بفسادومخالفا ت ورشوة حصلواعليهامقابل منح تصاريح سلامةللحوم غيرالصالحة للاستهلاك الآدمي،واتهامهم بتمريرلحوم فاسدةملوثة بالسالمونيلا وإضافةحمض السوربيك للحوم لإزالةالروائح الكريهة بها قبل تصديره للدول،وأوقفت دول كثيرةاستيراداللحوم من البرازيل بعد تلك الفضيحة ،منها السعوديةوالصين ومصر،إلاأنالأخيرةبعدفترة قصيرة سمحت بالاستيراد مرةأخرى من البرازيل بعد أن تجاوزت الخيرة تلك الفضيحة  .

 وتؤكد  بعض  المصادر لنا ممن يعملون فى مجال الطب البطيري بمصر،وهي إحدالجهات التى تقوم  بالرقابة بعدة طرق على اللحوم ومشتقاتها والتى ترفض ذكرإسمها عبر وسائل الإعلام ، انه يجب زيادة رؤوس الماشية المحلية لتضييق الفجوة الغذائية فى اللحوم والتى تصل إلى %55، أما بالنسبة للحوم   المستوردة  فانه وأرد أن يكون  بها  فاسدة ولا تصلح للاستهلاك الاّدمي ، سواء من بلد المنشأ أو بعد أن يتم تداولها عبر منافذ البيع ، حيث أن بعضها يتم حقن العجول بالهرمونات والمحفزات مثلا لراكسوباني أو وجود لحوم مستوردة من مجازر برازيليةغيرمعتمَدةمن اللجان المصرية، وان  مشاكل اللحوم المستوردة كثيرة ومتعددة.

ووفقاً لدرسات عديدةفأن كثرة تناول اللحوم المجمدة أو الدوجون  يؤدي إلي مجموعةمن المخاطرالصحية منهاأمراض القلب،السكري، كونها غنية بالدهون المتحولة والتي تزيد من خطرالإصابةبأمراض القلب وانسداد الشرايين،لأن الدهون المتحولة تقوم بزيادة نسبةالكوليسترول الضاروتخفض نسبةالكوليسترول الجيد وهذه العناصرمسئولة عن رفع المخاطرالإصابة بأمراض القلب ، وهو ما أكده العديد من أستاذة امراض القلب والباطنة فى العالم، ويمثل مرض إرتفاع ضغط الدم  مشكلة  أخري لدي قطاع كبير من المصريين .

باقي الأمراض المزمنة لا يختلف عن مرض السكر، لو تكلمنا عن مرض الضغط فهو نفس الشي، امرضي الكلي أو مرض القلب او غيرها من المراض، قاعدة البيانات هي المفتاح السليم لمنظومة صحة سليمة لا تقل عن منظومات الصحة فى الدول المتقدمة وهذا ما نحتاج إليه من أجل صحة المواطن المصري وتصليح منظومة الصحة بشكل جذري، حتي نلتفت ونقف علي العلاقة بين اللحوم المجمدة وغيرها من الأغذية التي تسبب المراض المزمنة بشك اكثر وضوحاً .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى