دراسات

المجلس الأعلى لصناعة السيارات … أن تأت متأخراً خير من ألا تأت أبدًا

د. محمد فتحي حصّان

   يعاني سوق السيارات في مصر حاليا من أزمة حقيقية تتمثل أبعادها في نقص الكميات المعروضة من السيارات واختفاء البعض، بالإضافة الى ارتفاع الأسعار بعد ارتفاع سعر الدولار والأزمة الأوكرانية. فبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فان واردات مصر من سيارات الركوب بلغت في نهاية عام 2021 نحو 3.574 مليار دولار، مقابل نحو 2.766 مليار دولار خلال العام 2020، بزيادة نسبتها 29 %.  بينما نجد انه خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي تراجعت قيمة واردات مصر من السيارات وقطع الغيار بنسبة 23%، لتصل إلى مليار و766 مليونا و780 ألف دولار، مقابل 2 مليار و302 مليونا و667 ألف دولار في الفترة المقابلة من العام السابق.

   ولمواجهة هذه الأزمة ولتوطين صناعة السيارات بمصر وجذب الشركات العالمية لإقامة مشروعات لتصنيع السيارات والصناعات المغذية لها قامت الدولة باتخاذ العديد من الإجراءات ، من تلك الإجراءات إطلاق استراتيجية تنمية صناعة السيارات، ثم صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 2022 بتوزيع القطاعات الفرعية لأنشطة الاستثمار بالنطاق الجغرافي لكل من القطاعين ” أ ” و” ب”  والتي تضمنت صناعة السيارات والصناعات المغذية لها وتشمل سيارات الركوب والاتوبيسات الكهربائية والتي تعمل بالغاز الطبيعي، والمحركات الكهربائية الخاصة بالسيارات واسطوانات الغاز ومحطات شحن المركبات الكهربائية ، بحيث تمنح هذه الأنشطة الفرعية الحوافز الخاصة الواردة بقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 ، ثم وضع صناعة السيارات والصناعات المغذية لها ضمن مجالات قطاع الصناعة التي تمنح الموافقة الواحدة (الرخصة الذهبية) وفقا لنص المادة رقم 20 من قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 والمادتين رقمي 42 و 43 من لائحته التنفيذية وهى موافقة واحدة لإقامة المشروع وتشغيله وادارته بما في ذلك تراخيص البناء وتخصيص العقارات اللازمة له ، ثم كان خطوة تيسير إجراءات استيراد مستلزمات الإنتاج.      

ثم جاء الخطوة الأهم بإنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة، فقد نشرت الجريدة الرسمية في عددها رقم ٤٣ (تابع) في ٢٧ أكتوبر الماضي القانون رقم 162 لسنة 2022 بإنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة. ويشمل القانون على جزأين، الأول هو إنشاء مجلس أعلى لصناعة السيارات، والجزء الثاني هو إنشاء صندوق لتمويل صناعة السيارات صديقة البيئة.

فما هو الهدف من انشاء هذا المجلس وهذا الصندوق؟، وما هو تشكيلهما؟، وما هي مصادر التمويل؟، وما هي الآمال المعقودة عليهما؟

تشكيل المجلس الأعلى لصناعة السيارات:

يُشكل المجلس برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من: وزير الصناعة، نائبًا لرئيس المجلس، وزير قطاع الأعمال العام، وزير التخطيط، وزير النقل، وزير المالية، وزير الدولة للإنتاج الحربي، أربعة من ذوي الخبرة يرشحهم وزير الصناعة، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

اختصاصات المجلس الأعلى لصناعة السيارات:

يهدف المجلس إلى تطوير وتنمية قطاع صناعة السيارات في مصر، ويمارس الاختصاصات الآتية:

  1. وضع وإقرار السياسات العامة والخطط والاستراتيجيات اللازمة لتنمية صناعة السيارات في مصر بما يتفق مع السياسة العامة للدولة، ومتابعة تنفيذها.
  2. وضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لصناعة السيارات.
  3. اتخاذ كل ما يراه لازما لتهيئة مناخ أفضل لصناعة السيارات.
  4. دراسة ووضع الحلول المناسبة للمعوقات التي تواجه صناعة السيارات.
  5. التنسيق مع الجهات المعنية بشأن عقد الاتفاقيات وتبادل الخبرات في مجال صناعة السيارات مع الدول الرائدة والكيانات المتخصصة في هذا المجال.

تشكيل صندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة:

يُقصد بالسيارات صديقة البيئة المركبات الآلية التي لا ينتج عنها انبعاثات أو آثار سلبية على البيئة، أو تلك التي تنتج آثارًا أو انبعاثات أقل ضررًا على البيئة من المركبات التي تستخدم وقودا أحفوريا وفقًا لمعايير الانبعاثات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المعنى بشئون البيئة. ولصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة شخصية اعتبارية، ويُشكل مجلس إدارة الصندوق برئاسة وزير المالية، وعضوية كل من :

وزير التخطيط ، وزير شئون البيئة ، وزير قطاع الأعمال العام ، وزير النقل ، وزير الصناعة ، وزير الدولة للإنتاج الحربي ، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية ، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، ممثل عن رئاسة مجلس الوزراء، يرشحه رئيس مجلس الوزراء ، ممثل عن وزارة الداخلية، يرشحه وزير الداخلية ، ممثل عن الهيئة العربية للتصنيع، يرشحه رئيس الهيئة ، ممثل عن وزارة التجارة والصناعة، يرشحه وزير الصناعة ، أحد أعضاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات من ذوي الخبرة، يرشحه رئيس المجلس ، أربعة من ذوي الخبرة والمتخصصين في مجال صناعة السيارات صديقة البيئة، يرشحهم وزير المالية بالتنسيق مع وزير الصناعة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

ومجلس الإدارة هو السلطة العليا المهيمنة على شئون الصندوق وتصريف أموره، وله أن يتخذ من القرارات ما يراه لازمًا لتحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها الصندوق، وله على الأخص:

  1. اعتماد برامج ونظم الحوافز لتنمية صناعة السيارات صديقة البيئة.
  2. اعتماد قواعد وإجراءات صرف الحوافز التي تكفل تنمية صناعة السيارات صديقة البيئة.
  3. وضع الضوابط اللازمة لمنع مخالفة شروط وقواعد نظم وبرامج منح الحوافز.
  4. ربط برامج ونظم منح الحوافز بحماية حقوق المستهلكين وحماية المنافسة في السوق المصرية.
  5. الموافقة على مشروع الموازنة السنوية للصندوق والحسابات والقوائم الختامية.
  6. قبول المنح والهبات والإعانات والتبرعات، وذلك دون الإخلال بأحكام القوانين والقرارات المنظمة لذلك.
  7. اعتماد الهيكل التنظيمي للصندوق، واللوائح المالية والإدارية والموارد البشرية، بعد موافقة وزارة المالية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بحسب الأحوال، دون التقيد بالقوانين واللوائح المعمول بها بالجهاز الإداري بالدولة.

اختصاصات صندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة:

يهدف الصندوق إلى تنمية الموارد اللازمة لتمويل صناعة السيارات صديقة البيئة، وله في سبيل تحقيق أهدافه أن يباشر جميع المهام والاختصاصات اللازمة لذلك، وله على الأخص ما يلي:

  1. تمويل تنمية وتطوير صناعة السيارات صديقة البيئة وعلى الأخص في مجالي إنشاء مراكز تكنولوجية والأبحاث اللازمة لتطوير هذه الصناعة.
  2. العمل على تشجيع وتطوير الابتكار لرفع القدرة التنافسية لصناعة السيارات صديقة البيئة.
  3. وضع برامج ونظم الحوافز لتنمية صناعة السيارات صديقة البيئة والحد من الآثار السلبية للانبعاثات الضارة.

ويباشر الصندوق اختصاصاته في ضوء التقارير الدورية والبيانات الفنية التي تعدها الوزارة المعنية بشئون الصناعة.

مصادر موارد الصندوق:

تتكون موارد الصندوق من الآتي:

  1. ما قد يخصص للصندوق من اعتمادات في الموازنة العامة للدولة.
  2. حصيلة المنح والإعانات والقروض والهبات والتبرعات التي يبرمها أو يقبلها مجلس الإدارة بما لا يتعارض مع أهداف الصندوق ووفقًا للإجراءات المقررة قانونًا.
  3. عائد استثمار أموال الصندوق.
  4. عائد المشروعات الرائدة والتجريبية ومقابل إعداد الدراسات والاستشارات التي يمولها الصندوق في مجال تنمية صناعة السيارات صديقة البيئة.
  5. أية موارد أخرى تقرر له قانونًا.

    وفي النهاية نؤكد أن هناك آمال كثيرة معقودة على انشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة للنهوض بصناعة السيارات في مصر وتصنيع سيارة بأيادي مصرية بالكامل، ودعم تحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات صديقة البيئة والانطلاق منها إلى الأسواق الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وتوطين صناعة السيارات في مصر خصوصا في ظل تحديات الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم منذ أزمة كورونا ومروراً بالأزمة الروسية الاوكرانية وارتفاع قيمة الدولار والتي ممكن الممكن ان تكون الفرصة الأخيرة للنهوض بتلك الصناعة فمن رحم الأزمات تولد الفرص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى