حقل غزة مارين.. اتفاق مصري فلسطيني حول الغاز
كتبت/ إيمان عنان (*)
يعتبر حقل غزة مارين الفلسطيني من أقدم وأهم حقول الغاز المكتشفة في منطقة البحر المتوسط، في الوقت التي تعيش فيه غزة ظروف اقتصادية صعبة، وتستورد في قطاع الغاز بأسعار باهظة، وعلى الرغم من اكتشاف حقل غزة البحري منذ أكثر من ٢٢ عامًا، فإن موارده لم تُستغل بعد بسبب عرقلة إسرائيل منذ عقود أي إمكانية لاستخراج الغاز في بحر غزة.
حقل غزة مارين
يحتوي حقل غزة مارين على أكثر من ترليون قدم مكعب، وبحجم إنتاج متوقع يقدر بحوالي ١٬٦ مليار متر مكعب سنويًا، بالإضافة إلي جودة الغاز والذي وُصف بأنه نقي، مما يسهل بيعه، وقريب من الشاطئ، مما يسهل عملية استخراجه، وبالتالي فإن عملية استخراجه مجدية من الناحية التجارية
ويوجد على بعد 36 كيلو متراً غرب غزة في مياه المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية “بريتيش غاز”، التي خرجت منه لصالح شركة “رويال داتش شل”، قبل أن تغادر هي الأخرى في 2018.
في عام 2015، امتلكت شركة شل العالمية على شركة بي جي، والتي كانت تنقب عن الغاز نيابة عن شركة بريتش غاز، في صفقة كبرى، وبذلك امتلك شل حق تطوير حقل غزة مارين بحصة 55%، ولكنها خرجت منه عام 2018 بسبب صعوبة تطوير الحقل والاستفادة من موارده.
وبعد خروج شركة شل من الحقل، كونت السلطة الفلسطينية تحالفا جديدا يتكون من صندوق الاستثمار الفلسطيني، وشركة اتحاد المقاولين بنسبة 27.5% لكل منهما، مع تخصيص 45% لشركة تطوير أخرى، ولكن ظل الحقل يعاني حالة من عدم الوضوح، حتى عاد تسليط الضوء عليه من جديد بعد منتدى غاز شرق المتوسط نهاية 2019، حيث يضم المنتدى 7 دول أعضاء، هم “مصر، والأردن، وفلسطين، واليونان، وإيطاليا، وإسرائيل، وقبرص”.
اتفاق فلسطيني مصري
صادقت الحكومة الفلسطينية على اتفاقية الإطار الخاصة بحقل غاز “غزة مارين”، والمبرمة مع شركات مصرية، وتم ذلك بين صندوق الاستثمار الفلسطيني، ومجموعة الشركات المصرية المستثمرة في الحقل”.
وشكلت الحكومة الفلسطينية لجنة وزارية للمتابعة مع صندوق الاستثمار الفلسطيني “الصندوق السيادي”، لإتمام اتفاق مع مصر لتمويل وتشغيل حقل الغاز الفلسطيني قبالة قطاع غزة.
ترحيب بالاتفاقية
رحب ائتلاف الشركات صاحبة رخصة تطوير حقل الغاز الفلسطيني قبالة سواحل المحافظات الجنوبية “غزة مارين” والمكون من صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركة اتحاد المقاولين للنفط والغاز “CCCOG” بقرار حكومة رام الله الموافقة على اتفاق الإطار الذي تم توقيعه بداية الشهر الجاري لدخول تجمع مصري بقيادة الشركة المصرية القابضة للغازات “إيجاس” كشريك في ائتلاف التطوير.
وأكد على الدور المصري كشريك في ائتلاف التطوير، وعناصر الخطة الفنية والمالية الأولية لتطوير الحقل من قبل ائتلاف الشركات الفلسطينية والمصرية كمشروع عابر للحدود بين فلسطين وجمهورية مصر العربية الشقيقة بهدف استخراج الغاز من الحقل الواقع في المياه الفلسطينية ونقله ومعالجته في منطقة سيناء في جمهورية مصر، واستعداد شركة إيجاس لشراء الغاز المنتج بما يضمن تحقيق الجدوى الاقتصادية وتوفير التمويل اللازم لتطوير المشروع،.
الدور المصري في تطوير حقل غاز غزة
في فبراير 2021 وقع صندوق الاستثمار الفلسطيني واتحاد المقاولين “CCC” و”إيجاس” المصرية اتفاقية للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، لتوفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي.
وعلى هامش الاجتماع الوزاري لمنتدى غاز شرق المتوسط في يونيو الماضي والذي عُقد في القاهرة، أكدت مصر على موقفها الثابت والداعم لحقوق فلسطين في استغلال مواردها الطبيعية، وسيادتها على تلك الموارد، ويأتي في مقدمتها حقل غزة مارين، وحرص مصر على الإسهام في تنمية اقتصاد فلسطين.
وعملت مصر على إقناع الحكومة الاسرائيلية بالسماح للسلطة الفلسطينية باستخراج الغاز الطبيعي من البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل قطاع غزة، حيث كانت إسرائيل ترفض السماح باستخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة لأسباب أمنية، وذلك بعد اكتشاف حقل للغاز، يقع على بعد حوالي 30 كيلومترا غرب ساحل غزة، في عام 2000 من قبل شركة بريتش غاز (BG) ويقدر أنه يحتوي على أكثر من تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
كما قامت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”بمحادثات مع صندوق الاستثمار الفلسطيني “PIF” وشركة اتحاد المقاولين للنفط والغاز “CCC”، وهو تحالف من الشركات المرخصة لتطوير الحقل.
وجاء ذلك في ظل احتلال مصر أهمية كبرى في غاز شرق المتوسط وارتفاع صادراتها من الغاز بعد اكتشاف حقل ظهر عام 2015.
معوقات إسرائيل لاستغلال حقل غزة
حاولت إسرائيل عرقلة أي جهود لاستخراج الغاز في بحر غزة، وفرض السيطرة والتبعية الاقتصادية على فلسطين، فمع تصاعد انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠، رفض أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت شراء غاز حقل غزة مارين، ثم تدخلت الولايات الأمريكية، ولكنها في نهاية الأمر محاولات باءت بالفشل بحجة إسرائيلية، مفادها منع تمويل الإرهاب.
وفي عام ٢٠٠٦، ومع تولي حكومة إسرائيلية جديدة برئاسة إيهود أولمرت، بدأت المفاوضات مرة أخرى بين الحكومة الإسرائيلية وشركة بي جي البريطانية (مكتشفة الحقل)، لكن تل أبيب وضعت شرطًا بخصوص مرور خط أنابيب نقل غاز الحقل إليها مما يجعلها تتحكم في إمدادات الغاز لقطاع غزة، وهو ما رفض من قبل الشركة البريطانية، ومنذ ذلك الوقت، توقفت أي مفاوضات جدية بين فلسطين وإسرائيل بشأن حقل غزة البحري.
ويمكن القول أن اتفاقية غازغزة تعتبرأملاً لمقومات جديدة للاقتصاد الفلسطيني، وخطوة هامة لاستثمار واستغلال عضوية فلسطين في منتدى غاز شرق المتوسط، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في استغلال الموارد الطبيعية الموجودة ضمن إقليمه، والتي كفلتها الاتفاقيات الدولية منها اتفاقية لاهاي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي تُعد دولة فلسطين طرفاً فيه.
*باحثة سياسية.. ماجستير من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة