مقالات

قراءة في التعديلات المقترحة على قانون الضريبة على الدخل

د. محمد فتحي حصّان

تستحوذ الضرائب على النصيب الأكبر من إيرادات الدولة المصرية بنسبة 80%، ومما لا شك فيه فإن للتهـرب الضـريبي آثـاره السـلبية الكبيرة علـى تلك الايرادات ومن ثم مســتوى جودة الخــدمات الــتي تقــدم للمواطنين، وقد كشفت مصلحة الضرائب أن حملات مكافحة التهرب الضريبي خلال الفترة من أول يوليو ٢٠١٨ حتى نهاية نوفمبر ٢٠٢١ شملت أكثر من ١٤ ألف منشأة تبين أن أكثر من ٨٠٠٠ منشأة منها غير مسجلة ضريبيًا بنسبة ٥٥٪، وقد بلغ إجمالي المتحصلات الضريبية المسددة لحظيًا أثناء هذه الحملات أكثر من ٥٣٠ مليون جنيه. كما أسفر تحليل بيانات منظومة الفاتورة الإلكترونية بعد تطبيقها عن اكتشاف 17 ألف حالة تهرب ضريبى، تم التصالح مع ٤٦٠٠ حالة منها، وقامت بسداد ما يقرب من 5 ونصف مليار جنيه.

وقد أعلن رئيس المكتب الفني لمصلحة الضرائب المصرية طلعت عبد السلام أن حجم التهرب الضريبي في مصر تخطى حاجز 55 %، موضحاً أن نحو 45 % فقط، من الشركات والمصانع والمنشآت الاقتصادية والتجارية ومقدمي الخدمات هم من يسددون المستحقات الضريبية بشكل منتظم. وبجسب تصريحات لمختار توفيق، رئيس مصلحة الضرائب، فان المتأخرات الضريبية وصلت الآن 350 مليارا تقريبا، منهم 150 مليارًا يتعذر تحصيلها.

 ووفقا لنص المادة رقم (38) من الدستور المصري فإن النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة يهدف إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية… وتلتزم الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبنى النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والأحكام في تحصيل الضرائب… وآداء الضرائب واجب، والتهرب الضريبي جريمة.

   وفي 29 مايو الماضي وافق مجلس النواب نهائيًا وبأغلبية الأعضاء على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وقد تضمنت تلك التعديلات إقرار حافز لا تتجاوز نسبته 5٪ من إجمالي قيمة الضريبة المستحقة سنويًا للأفراد الملتزمين بتقديم الفواتير والإيصالات الإلكترونية، ومكافأة لا تتجاوز 10٪ من مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لأي مواطن يساعد في الكشف عن حالات التهرب الضريبي. وسنتقوف في هذا العرض على التعديل الخاص برصد مكافأة لا تتجاوز 10٪ من مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لأي مواطن يساعد في الكشف عن حالات التهرب الضريبي.

فما هي حالات التهرب الضريبي؟، وما هي وسائل مكافحة التهرب الضريبي؟، وهل يأتي التعديل المقدم من الحكومة بجديد؟ وما خطورة هذا التعديل؟ .

حالات التهرب الضريبي:

وفقا لقانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 فإن حالات التهرب الضريبي هي:

تقديم أوراق أو مستندات غير صحيحة أو مزورة للجنة الحصر والتقدير أو للجنة الطعن أو ابداء بيانات على غير الواقع أو الحقيقة عند الحضور للمناقشة أمام هذه اللجان بقصد التأثير على قراراتها.

تقديم مستندات غير صحيحة بقصد الاستفادة بالإعفاء من الضريبة بدون وجه حق.

الامتناع عن تقديم الاقرار بزوال سبب الاعفاء من الضريبة.

تقديم مستندات غير صحيحة من شأنها اصدار قرار برفع الضريبة دون وجه حق.

الخط الساخن 16189 للإبلاغ عن حالات التهرب الضريبي:

في الواقع فان التعديل المقدم من الحكومة والذي تم الموافقة عليه من مجلس النواب والخاص بإقرار مكافأة لا تتجاوز 10٪ من مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لأي مواطن يساعد في الكشف عن حالات التهرب الضريبي لم يأت بجديد على فكر مصلحة الضرائب المصرية، فقد سبق وأن أطلقت المصلحة في 12 يناير الماضي الخط الساخن 16189 للإبلاغ عن حالات التهرب الضريبي وان كان ذلك بدون رصد مكافآت. كما طالبت المصلحة المواطنين الذين لديهم معلومات عن وقائع تهرب ضريبي المبادرة بالاتصال بالخط الساخن للإبلاغ عنها، وأعلنت المصلحة أن البلاغات الواردة عبر الخط الساخن 16189 يجب أن تتضمن بيانات كافية ووقائع محددة، كذلك يجب توافر مستندات دالة على وقائع التهرب المنسوبة للمبلغ عنه. 

 ويقوم قطاع مكافحة التهرب الضريبي بالمصلحة بتلقي البلاغات الواردة على الخط الساخن والتعامل معها، والتحقق من صحتها، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.  

  وقد كشفت المصلحة أنه منذ إطلاق الخط الساخن 16189، للإبلاغ عن حالات التهرب الضريبي، وهناك تزايد مستمر في أعداد البلاغات الواردة عن وقائع التهرب، وأنه بدراسة تلك البلاغات تم حصر حالتين لعدم التسجيل بالمصلحة وتهرب ضريبي، وتم سداد مستحقات بمبلغ 6083528 جنيه، وأنه تم فتح ملفات لعدد 9 حالات. 

مكافحة التهرب الضريبي:  

وفقا لأحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 فإن التهرب من أداء الضريبة جريمة مخلة بالشرف والأمانة، كما تضمن القانون العديد من العقوبات لمكافحة هذه الجريمة وكان أهمها على النحو التالي:

يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل محاسب مقيد بجدول المحاسبين والمراجعين اعتمد إقراراً ضريبياً أو وثائق أو مستندات مؤيدة له إذا ارتكب أحد الأفعال الآتية:

إخفاء وقائع علمها أثناء تأدية مهمته ولم تفصح عنها المستندات التي شهد بصحتها متى كان الكشف عن هذه الوقائع أمراً ضرورياً لكي تعبر هذه الحسابات والوثائق عن حقيقة نشاط الممول.

إخفاء وقائع علمها أثناء تأدية مهمته تتعلق بأي تعديل أو تغيير في الدفاتر أو الحسابات أو السجلات أو المستندات وكان من شأن هذا التعديل أو التغيير الإيهام بقلة الأرباح أو زيادة الخسائر، وفي حالة العود يحكم بالحبس والغرامة معاً.

يُعاقب كل ممول تهرب من أداء الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة تعادل مثل الضريبة التي لم يتم أداؤها بموجب هذا القانون أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويعتبر الممول متهرباً من أداء الضريبة باستعمال إحدى الطرق الآتية:

تقديم الإقرار الضريبي السنوي بالاستناد إلى دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مصطنعة مع علمه بذلك أو تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر أو السجلات أو الحسابات أو المستندات التي أخفاها.

تقديم الإقرار الضريبي السنوي على أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت لديه من دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات أخفاها.

الإتلاف العمد للسجلات أو المستندات ذات الصلة بالضريبة قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم دين الضريبة.

اصطناع أو تغيير فواتير الشراء أو البيع أو غيرها من المستندات لإيهام المصلحة بقلة الأرباح أو زيادة الخسائر.

إخفاء نشاط أو جزء منه مما يخضع للضريبة.

 وفي حالة العود يحكم بالحبس والغرامة معاً.

يُسأل الشريك في الجريمة بالتضامن مع الممول في الالتزام بأداء قيمة الضرائب التي تهرب من أدائها والغرامات المقضي بها في شأنها.

يُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه كل من ارتكب أي من الأفعال الآتية:

الامتناع عن تقديم إخطار مزاولة النشاط.

الامتناع عن تقديم الإقرار الضريبي.

عدم إصدار أو تسليم الفاتورة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة (78) من هذا القانون والتي تنص على أن يلتزم الممول من أصحاب الأعمال التجارية والصناعية ومن أصحاب المهن غير التجارية بأن يسلم كل من يدفع إليه مبلغاً مستحقاً له ثمناً لسلعة، أو بسبب ممارسة المهنة أو النشاط كأتعاب أو عمولة أو مكافأة، أو أي مبلغ آخر خاضع للضريبة، فاتورة منه موضحاً بها التاريخ وقيمة المبلغ المحصل، ويلتزم الممول بتقديم سند التحصيل إلى المصلحة عند كل طلب.

    وفي النهاية وبالرغم من أن التعديل الذي تم الموافقة عليه من مجلس النواب بإقرار مكافأة لا تتجاوز 10٪ من مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لأي مواطن يساعد في الكشف عن حالات التهرب الضريبي هو مجرد تقنين لإجراء قامت مصلحة الضرائب بالإعلان عنه وتطبيقه مطلع هذا العام ، فان الحلول التقليدية لن تكفي وحدها لمواجهة ظاهرة التهرب الضريبي في مصر ، بل قد تؤدي إلى وجود بلاغات كيدية من البعض تجاه خصومهم انتقاما منهم ، لكن الأمر يحتاج إلى نشر ثقافة لدى المواطنين وأصحاب الاعمال تقوم على أهمية الضرائب ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعية ، ثقافة تؤدي لتمسك المواطن بحقه في الحصول على فاتورة ضريبية بمشترياته من السلع والخدمات لضبط المجتمع الضريبي والقضاء على ظاهرة التهرب الضريبي ، كما يحتاج الأمر كذلك لإعادة تأهيل وتدريب مأموري الضرائب على أفضل الممارسات العالمية ، وإتاحة أحدث تكنولوجيا رقمية متطورة في الأعمال الضريبية ، وقبل كل ذلك يتطلب الأمر مشاركة المجتمع الضريبي والاستماع إلى وجهة نظره قبل أي تعديل تقوم به مصلحة الضرائب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى